المطار وحكاية بناء “الحزب” لدولته


أخبار بارزة, خاص 16 أيلول, 2023

خبر المطار العسكري مرّ مرور الكرام، ولم يتجرأ أحد لا في السلطة اللبنانية ولا من الطبقة السياسية أن يسأل الحزب عن حقيقة الأمر


كتب سعد كيوان لـ “هنا لبنان”:

أخيراً، لا آخراً، بنى “حزب الله” مطاره. مصدر الخبر هو إسرائيل، إلّا أنّ “حزب الله” يلتزم الصمت. فلم يؤكد ولم ينفِ عملاً بالسلوك الذي يتبعه بعدم التعليق على أخبار إسرائيلية تتناوله اعتقاداً منه أن هذا السلوك يترك إسرائيل في حيرة. علماً أنّ المطار هو عسكري وليس مدني ومن الصعب إخفاؤه، والمنطقة التي أنشئ فيها مكشوفة. وهي خطوة متوقعة كانت ستحصل عاجلاً أم آجلاً ضمن خطة “حزب الله” في عملية البناء المتدرج لدولته والقضم لمؤسسات الدولة اللبنانية، بعد أن أصبحت ميليشياته جيشاً مدججاً بالسلاح والصواريخ والمسيرات الكبرى التي بدأ ينتجها والتي تحتاج في النهاية إلى مطار تقلع منه. أما المطار المدني الوحيد، أي مطار رفيق الحريري فقد أحكم قبضته الأمنية عليه منذ زمن وجعل منه مركزاً لتمرير وتهريب كل ما يلزمه من “عدة الشغل” عسكرياً ومالياً وتجارياً على خط طهران-بيروت. ولكي يضمن السيطرة على حركة الطيران والنقل الجوي فهو يضع وبكل صراحة فيتو على تشغيل مطار مدني آخر مثل مطار القليعات في الشمال الذي سبق وأن تم استعماله في فترات سابقة. وحجة “حزب الله” في ذلك أن مطار القليعات ممكن أن يتحول إلى قاعدة للإرهاب في وجه حليفه بشار الأسد ولتنقّل “الداعشيين” الذين سبق وأن أمن لهم “حزب الله” نفسه الباصات المبردة لإخراجهم آمنين بعد أن طردهم الجيش اللبناني من الجرود في صيف 2017. في حين أن آخر الداعشيين قد اكتشف “صدفة” قبل أسابيع في عقر دار الحزب في الضاحية الحنوبية بعد أن نفد عملية إرهابية ضد مقام السيدة زينب في دمشق ولجأ إلى حضن أخصامه؟!
طبعاً، خبر المطار العسكري مرّ مرور الكرام، ولم يتجرأ أحد لا في السلطة اللبنانية ولا من الطبقة السياسية أن يسأل “حزب الله” عن حقيقة الأمر الذي يأتي ضمن سياق عملية استكمال الحزب لسيطرته شبه الكاملة على معظم مرافق الدولة، وبالأخص على قرارها السياسي الذي بدأ منذ 7 أيار 2008، كي لا نقول منذ افتعاله حرب تموز 2006. يومها فرض نصرالله بغزوه بيروت معادلة التفرد بقرار السلاح وانتزع في مؤتمر الدوحة بدعة حكومة الوحدة الوطنية والثلث المعطل الذي يمكنه من تعطيل الحكومات التي بدأ يشارك فيها منذ ما بعد اغتيال الحريري عام 2005، ومنع تمرير أي قرار لا يناسبه، علماً أنه لا يتمثل بأكثر من وزيرين. ثم انتقل إلى فرض الحكومات التي يريد كما فعل في 2011 بعدما طيَّر حكومة الحريري واستعمل “القمصان السود” لفرض حكومة نجيب ميقاتي الذي ترأس حكومة ممانعة. تلتها حكومة تمام سلام التي سمح “حزب الله” بتشكيلها بعد تعطيل دام أحد عشر شهراً وعلى أثر إعلان الحريري عام 2014 من أمام المحكمة الدولية، التي اتهمت عناصر من “حزب الله” بارتكاب جريمة اغتيال الحريري، عن “ربط نزاع” مع الحزب. بعدها جاء التعطيل الأكبر والأطول الذي مارسه حسن نصرالله، والذي استمر سنتين ونصف السنة بهدف فرض ميشال عون رئيساً في تشرين الأول 2016. ونحن الآن مرة أخرى نعيش مرحلة تعطيل جديدة قاربت السنة من أجل أن يفرض “حزب الله” مرشحه رغم أنه لا يتمتع بأغلبية نيابية تخوله ذلك…
ويذهب نصرالله بعيداً أكثر في حمايته للنظام وللسلطة الفاسدة التي تغطي سلاحه بتصديه لانتفاضة تشرين الشعبية عام 2019. وبين هذه وتلك يخيط الحزب الإيراني العقيدة والانتماء اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية مع العدو الصهيوني مقابل وعود ببراميل الغاز والنفط عبر الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين. ويتحضر للعملية نفسها من أجل ترسيم أو تحديد الحدود البرية مع العدو الصهيوني أيضاً بوساطة اميركية. وخلال كل هذه السنوات قام نصرالله بتعزيز دولته عبر بناء مؤسسات صحية وتربوية واجتماعية – خدماتية ومصرفية (“القرض الحسن”) فارضاً لامركزية إدارية ومالية مستقلة تماماً – إن لم نقل كانتوناً – ويتصدى في الوقت نفسه لمن يطالب بلامركزية مثله في مناطقه. وهذا غيض من فيض…

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar