رئيس لبنان ينتظر عند معبر رفح


أخبار بارزة, خاص 24 تشرين الأول, 2023

هل تكون رئاسة لبنان مكافأة لمن سيساعد بشكل مباشر أو غير مباشر في القضاء على حماس؟

كتب جان نخول لـ “هنا لبنان”:

ليس للبنان سياسة خارجية، للبنان انعكاسات داخلية للأحداث الخارجية التي تحصل من حوله.
إنها خلاصة ما يحصل في الإقليم ويرسم معه تداعيات السياسة الداخلية على لبنان.
فقد ترافقت كل ولاية رئاسية مع أزمة في الإقليم حوّلت العهد إلى ما يشبه سيارة الإطفاء.
بشارة الخوري فاجأته الانقلابات في المحيط وأنهت حقبة رجال الدولة لمصلحة رجال العسكر الداخلين إلى القصور.
كميل شمعون فاجأته ثورة الضباط الأحرار والنفوذ السوفياتي في المنطقة فلجأ إلى الأميركيين في حلف أيزنهاور، ولكن خذلته السياسة الأميركية رغم وصول الأسطول إلى شواطئ لبنان.
شارل حلو فاجأته نكسة ١٩٦٧ وفرضت عليه الذهاب إلى اتفاق القاهرة.
سليمان فرنجية فاجأته حرب ١٩٧٣ وعززت النفوذ المسلح للفدائيين في قلب لبنان.
الياس سركيس فاجأته اتفاقات كامب ديفيد وحوّلت مسار السياسة السورية من حامية للمسيحيين إلى عدوهم الأول.
أمين الجميل فاجأه كل شيء.
الياس الهراوي فاجأه اغتيال إسحق رابين والإطاحة بالسلام في المنطقة.
إميل لحود فاجأه ١١ أيلول وغزو العراق.
ميشال سليمان فاجأه الربيع العربي وتدهور الأوضاع في سوريا.
وميشال عون فاجأه التصلب الخليجي الإيراني والتغير في إدارة المملكة العربية السعودية.
النتيجة أنّ كل الرؤساء عاشوا مفاجآت غير متوقعة، ولو كان في لبنان رئيس للجمهورية اليوم، لكان تحوّل إلى مدير للأزمة بعد أقل من عام على انتخابه، لو حصل ذلك في المهل الدستورية.
المرشحون المفترضون لرئاسة الجمهورية يشعرون بالامتنان لأنهم لم يصلوا إلى الرئاسة في ظل هذه الظروف، التي كانت ستطيح بولايتهم بكاملها.
فالأزمة التي تحصل اليوم في غزة هي الثانية في تاريخ لبنان المعاصر التي تحصل في ظل فراغ رئاسي لبناني.
الأزمة الأولى التي حصلت في ظل الفراغ كانت عام ١٩٩٠، وهي سرّعت في الحل في لبنان. كان العراق يشن حملته العسكرية على الكويت، وأدت عملية درع الصحراء إلى انسحابه، ومكافأة سوريا على دورها العسكري في العملية من خلال منحها جائزة الترضية في الداخل اللبناني بتكريس وجودها العسكري والاستخباراتي. وبعد الحصول على المباركة الدولية، دخلت الدبابات السورية ووصلت إلى قلب قصر بعبدا، وأنهت الحرب في آخر فصولها من خلال عملية ١٣ تشرين التي حصلت بعد أقل من شهرين من حرب العراق الكويت.
أما الأزمة الثانية التي تحصل اليوم مع عملية طوفان الأقصى، فهي تحصل أيضًا في ظل الفراغ. يعوّل كثيرون على هذه الأزمة في الداخل اللبناني لكي تحمل في نهايتها انفراجاً على الصعيد الرئاسي كما حصل في التسعينيات. فريق يرى أن القدرة العسكرية لحماس والرعب الذي تعيشه إسرائيل يجعلان من حماس ومن خلفها – بمن فيهم حزب الله – قادرين على فرض شروطهم، ما يعزز فرص حزب الله في اختيار رئيس الجمهورية، فيما يعتبر آخرون أن القضاء على حماس بعد هذه المعارك “يكسر شوكة” حزب الله وإيران عند الساحل الغربي لآسيا، ويعطي لاعبين آخرين في المنطقة نفوذاً أكبر في لبنان.
ولكن على أرض الواقع، ليس هناك أي انعكاسات واقعية لهذا الكلام، فكل من إيران وإسرائيل غارقة في حسابات الميدان، ولا يفكر أحد أبعد من بيت لاهيا وبيت حانون والمستوطنات التي تقابلها عند الحدود الشمالية من غزة.
وإذا أردنا مقارنة الوقائع بعضها ببعض، لا نقاط مشتركة كثيرة بين الحدثين في الظاهر، ولكن في الظروف السياسية الداخلية، الأمر منطقي جداً.
بين ١٩٩٠ واليوم، كثيرة هي نقاط الالتقاء في الظروف: محاولة للسيطرة على الداخل اللبناني من دول الجوار، فراغ في الرئاسة الأولى، عجز في النظام ومحاولات لفرض صيغة جديدة، وأزمة اقتصادية خانقة بحاجة إلى منقذ يحتمي بالغطاء الخارجي. فهل تكون رئاسة لبنان مكافأة لمن سيساعد بشكل مباشر أو غير مباشر في القضاء على حماس؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us