المسيحيون والأم الحنون


أخبار بارزة, خاص 24 حزيران, 2023

لم يعد لدى المسيحيين أم أو أب حنون، ولكنهم رغم ذلك ليسوا يتامى إن هم أرادوا ذلك، فيكفي أن يدركوا أنّ هذا البلد لن يكون لبنان من دونهم، ويكفي أن يصمّموا على البقاء والمواجهة، ويكفي أن يُفهموا الآخرين أنّهم ليسوا ضعفاء، ويكفي ألّا يغلّبوا مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة، فعندها لن يستطيع أحد تجاهلهم ولو كانوا أقلية عددية.


كتب بسّام أبو زيد لـ “هنا لبنان”:

لطالما كانت لفرنسا مصالح في لبنان، وكانت مصالحها تحديداً مع المسيحيين الذين أطلقوا عليها لقب “الأم الحنون”، ولكن هذا اللقب غلبت عليه المصالح السياسية وغير السياسية والتغيرات التي شهدها لبنان والمنطقة وبروز قوى أضحت فاعلة أكثر من فرنسا في لبنان وتحديداً الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تمتلك في بلاد الأرز ذراعاً عسكرية فاعلة منها تستمد قوى التأثير وفرض الأمر الواقع السياسي.

لم تعد فرنسا تنظر إلى مصالحها في لبنان نظرة القيم التي قامت عليها الجمهورية الفرنسية، بل نظرة المصلحة التي تتجسد في النهاية باستثمارات ومشاريع تدرّ أرباحاً وعائدات مالية، ولا يمكن لهذا الخيار أن يكون مناقضاً للسياسة المتبعة من كل دول العالم المؤثرة، ولا يمكن لأحد أن يلوم فرنسا عليه ففي النهاية الاقتصاد والعلاقات هي أرقام تشير إلى الربح والخسارة، وفرنسا تسعى لأن تحقق أرباحاً في لبنان وغيره.

لم تعد فرنسا تنظر إلى المسيحيين كقاعدة خلفية لها لأنّ هؤلاء في لبنان أصابهم الضعف ولم يعد بمقدورهم تأمين المصالح الفرنسية فيه، فمن يحمي هذه المصالح ويعززها هي الجهة الأقوى على الأرض اللبنانية وهي اليوم حزب الله، الذي وفي مقابل ضمانه لمصالح فرنسا تضمن فرنسا مصالحه في لبنان ودوره السياسي من خلال التسليم بدوره الأساسي في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة.

يدرك الفرنسيون أنّ هذا الواقع لن يؤدي إلى الإستقرار في لبنان كما أنه لن يؤدي إلى الخراب الكلي، بل يسمح فقط ببقاء حال الفوضى التي تستفيد منها قوى الأمر الواقع ولا تعيق استفادة فرنسا وشركاتها مثل توتال مثلاً من قطاع النفط والغاز، فهذه الشركة وفي كل الأحوال ستحصل على عائداتها وحصصها المالية حتى ولو سقط هذا القطاع في يد قوى الأمر الواقع.

لم يعد لدى المسيحيين أم أو أب حنون، ولكنهم رغم ذلك ليسوا يتامى إن هم أرادوا ذلك، فيكفي أن يدركوا أنّ هذا البلد لن يكون لبنان من دونهم، ويكفي أن يصمّموا على البقاء والمواجهة، ويكفي أن يُفهموا الآخرين أنّهم ليسوا ضعفاء، ويكفي ألّا يغلّبوا مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة، فعندها لن يستطيع أحد تجاهلهم ولو كانوا أقلية عددية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us