من بائع الأحلام إلى بائع المازوت


أخبار بارزة, خاص 29 تشرين الثانى, 2021

كتب زياد مكاوي لـ “هنا لبنان”:

أذكر جيّداً ما كان يُكتب في الصحافة العربيّة عن السيّد حسن نصرالله، قبل العام ٢٠٠٦. كان الرجل جمال عبد الناصر جديد. كان صلاح الدين الأيوبي. كان باستطاعتك أن تلمح صوره مرفوعة في دولٍ عدّة خارج ما بات يعرف بمحور الممانعة.

أذكر جيّداً كيف كنّا نتسمّر على الشاشات لنتابع كاريزما استثنائيّة. كيف يتحدّث طويلاً، من دون خطأ في الشكل والمضمون. كيف يَعد ويصدق. كيف يبقى مترفّعاً عن الصغائر.

لا شيء في نصرالله اليوم يشبه نصرالله تلك الأيّام. دخل الرجل، خصوصاً بعد الانسحاب السوري، وأكثر بعد حرب تموز، في الوحول الداخليّة. فقد شعبيّته في الداخل والخارج، باستثناء من يناصره من الشيعة.

لا تصدّقوا أنّ “العونيّين” أو سنّة أو دروز ما كان يعرف بـ ٨ آذار يحبّونه. جميعهم “ضاق خلقهم” من سلوك حزب الله وجمهوره وفائض قوّته.

حزب الله مكروهٌ اليوم. جميع من يحالفه من المسيحيّين سيخسر. نصرالله بات بلا هيبةٍ وهالة. إطلالاته بعد ١٧ تشرين باتت إما عن الزرع على الشرفات أو عن بيع المازوت أو عن تهديد بعض من في الداخل والخارج. أخطاؤه باتت كثيرة، حتى في السنة التي نال فيها لبنان استقلاله.

لقد شاخ كثيراً، بالمعنى السياسي.

الرجل في حربٍ دائمة، واللبنانيّون يريدون سلاماً.

الرجل في توتّرٍ مستمرّ، واللبنانيّون يبحثون عن الاستقرار.

تشاهد “المنار” فترى فريقاً متعطّشاً للموت، للدمار، للمعارك، خارج الحدود غالباً.

أنا اللبناني، مهما كانت طائفتي، أريد اقتصاداً حرّاً، وانفتاحاً ثقافيّاً، وتنوّعاً حضاريّاً. أريد أن أستقبل السيّاح، من مختلف البلاد، لا أن أخوض حروباً مع هذه البلاد.

لا أريد أن أحرّر فلسطين. فليحرّرها أهلها، إن أرادوا.

لا يعنيني ما يحصل في اليمن، ولا في العراق، ولا في أيّ بقعةٍ من العالم.

أريد الأفضل لوطني. وطني قبل الدول كلّها.

أريد أن أحتفظ بما يميّزني، علماً وثقافةً ولغات وتنوّعاً وسياحة…

لا أريد مازوتاً من إيران بسعرٍ أرخص. أعطوني استقراراً وسلاماً، وحينها لن يبقى سعر المازوت مرتفعاً كما اليوم.

سلّم سلاحك يا سيّد. عد إلى لبنانيّتك، بدل أن تأخذ لبناننا إلى الجحيم.

عدْ بائع الأحلام، كما عرفناك منذ سنوات، لا كما أنت اليوم، مجرّد بائع مازوت مسلّح…

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us