الانتخابات البلديّة والاختياريّة نحو المجهول!


أخبار بارزة, خاص 31 كانون الأول, 2021

كتب أنطوني الغبيرة لـ “هنا لبنان”:

يشهد العام 2022 تكريساً لمفهوم الديمقراطية في لُبنان، فالنظام الديمقراطي يقوم أساساً على مبدأ التمثيل الشعبي الّذي يتجلّى بالانتخابات؛ وشاءت الصِدف أن تكون جميع الاستحقاقات الانتخابيّة في لُبنان بين ربيع وخريف العام المُقبِل. إذ دُعيت الهيئات الناخبة لانتخاب أعضاء مجلس النواب بعد توقيع وزير الداخلية غسان مولوي الأسبوع الماضي وعُيّن تاريخ 15/5/2022 موعدًا للانتخابات النيابيّة. وبعد عشرة أشهرٍ بالتمام والكمال وتحديداً في 31/10/2022 تنتهي ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، على أمل ألاّ يدخل لبنان دوّامة الفراغ الرئاسيّ.

وبين هذين الاستحقاقين الانتخابيّين المؤكّدين، هناك استحقاقٌ انتخابيٌّ مجهول التاريخ. لذا يأتي السؤال عن مصير الانتخابات البلديّة والاختياريّة التي تمّ تأجيلها! وهل هناك غاياتٌ جرّاء هذا التأجيل؟

يتميّز جزءٌ من النظام اللّبنانيّ باعتماده على اللامركزيّة الإداريّة التي تُجسّد في لبنان على نطاق المجلس البلديّ فقط. ومع مُطالبة البعض توسيع نطاق اللامركزيّة في لُبنان لتشمل إدارات ومؤسسات الدولة أجمع، لكي يشعُر بها المواطن اللّبنانيّ على صعيد أكبر. واللامركزيّة المحليّة اليوم التي تظهر من خلال البلديات تنعكس إيجاباً على التنمية المناطقيّة، فتسعى كلّ منطقة لتطوير بنيتها بهدف تسهيل طرق العيش على أهلها بالإضافة إلى تأمين احتياجاتهم المحليّة التي قد تختلف عن احتياجات المناطق الأخرى؛ وتقوم الدولة بتأمين الرعاية لمواطنيها من خلال البلديّة التي تُدرك أوضاع واحتياجات أهلها.

وإذا كانت مدّة ولاية المجلس النيابيّ أربع سنوات فإنّ مدّة ولاية المجالس البلديّة والاختياريّة مشابهة لمدّة ولاية رئيس الجمهوريّة أي ستّ سنواتٍ؛ فما هو الدّافع جرّاء اتّخاذ قرار تأجيل الانتخابات البلديّة؟

آخر استحقاق انتخابيّ بلديّ واختياريّ حصل في أيّار 2016، إذاً من الناحية القانونيّة وبعد ستّ سنوات أي أيّار 2022 يتمّ تحديد موعد الانتخابات المقبلة؛ لكن لا قرار واضح بعد بشأن هذا التاريخ غير قرار تأجيل هذه الانتخابات، هذا اللغط في المعلومات يدفعُنا لوضع عدّة سيناريوهات: فإمّا أنّ يتمّ التأجيل إلى شهر أيلول من العام نفسه، أو أن تتمّ الإطاحة بها وتأجيلها لمدّة سنة على حساب الانتخابات النيابيّة.

فما هو السبب الأساسيّ للتأجيل؟ هل يكون التأجيل لأغراضٍ سياسيّة؟ إذ يرغب بعض السياسيين في لبنان بالاستفادة من المفاتيح الانتخابيّة في البلدات وخاصةً مخاتير موالين لهم يؤمّنون لهم أصوات الناخبين في قراهم. فمع إجراء الانتخابات البلديّة والاختياريّة قبل تلك النيابيّة قد تشكّل النتيجة خطراً على بعض السياسيين وتساهم بعدم نيلهم الأصوات الكافية، ومع تأجيلها يتفرّغ المخاتير وأعضاء المجلس البلديّ للسياسة ولدعم المرشّحين.

ومع الأوضاع التي يعيشها لبنان وحالات الفقر وعدم الاستقرار التي كانت السبب ببدء شرارة ثورة 17 تشرين الأول 2019 يتّجه سياسيّو لبنان إلى عدم تأجيل الاستحقاق الانتخابيّ، خوفاً من المجتمع الدولي من جهة ومن زيادة النقمة الشعبيّة للجهة التي تؤيّد اقتراح التأجيل من جهة ثانية.

ومن ناحيةٍ أخرى تتطلّب الانتخابات البلديّة والاختياريّة الكثير من العوامل الماديّة واللّوجستيّة والكثير من الموظّفين والتكاليف! فلماذا لا يتمّ إجراء هذه الانتخابات بنفس الوقت مع تلك النيابيّة؟ فيعطي المواطن ثلاثة أصوات مختلفة بتوقيتٍ واحد! أوَلسنا نعيش في لبنان ظرفاً استثنائياً يتطلّب من حكّامنا اتّخاذ قراراتٍ أقلّ كلفةً على خزينة الدولة؟ أمّ إنّ الغايات السياسيّة تمنعنا من إجراء الانتخابات البلديّة والاختياريّة بنفس الموعد مع النيابيّة؟!

إهمال الانتخابات البلديّة والاختياريّة، والابتعاد عن فكرة تعديل القانون الذي يظهر مدى الرجعيّة في الشروط المطلوبة للترشّح كونه لا يُراعي التطوّر التكنولوجي القائم؛ يُجسّد مدى فساد المنظومة السياسيّة على مدى العصور فإهمال تطوير التنمية المحليّة التي تُنادي بالحاجات الأساسيّة الضيّقة للمواطنين داخل بلداتهم ومدنهم، ويوضّح المطامع والمصالح السياسيّة لنوّاب الأمّة الّذين يستغلّون الفُرص لمكاسبهم الشخصيّة!

نعم نحن بحاجةٍ إلى تعديلٍ لقانون الانتخابات البلديّة والاختياريّة في ظلّ المُطالبة بإدخال المكننة والحكومة الإلكترونية في لبنان، فلا نكتفي بأن يعرف المختار كتابة الاسم بل عليه أن يعرف كيفية استخدام الحاسوب.

فبدل المشاجرات السياسيّة والمحاصصة، على النواب تطبيق الهدف الأساسيّ لرسالتهم التمثيليّة وهو سنّ وتشريع القوانين.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us