سليماني قُتِل في بغداد و “السيد” يثأر في بيروت!


أخبار بارزة, خاص, مباشر 10 كانون الثاني, 2022

كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:

معلوماتٌ جديدةٌ حول مقتل قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، بمناسبة الذكرى الثانية لغيابه، كشفت عنها وكالةٌ إعلاميةٌ مقرّبةٌ من طهران، فأسهبت في الحديث حول الخطّة التي نفّذتها الولايات المتحدة الأميركية للتّخلّص من المسؤول الإيرانيّ البارز. فوفق الموقع الإلكتروني لوكالة IUVMPRESS NEWS، وتحت عنوان “الرحلة الأخيرة.. تفاصيلٌ عن اغتيال الشهيد اللواء قاسم سليماني” نقل تحقيق الوكالة عن أحمد الأسدي، رئيس کتلة “السند الوطني” في البرلمان العراقي وعضو في “الحشد الشعبي” (الموالي لإيران)، قوله: “كانت الطائرات التي نفّذت عملية الاغتيال ثلاث مسیّرات أميركية أقلعت من قاعدة عين الأسد، وحامت في سماء بغداد لمدة 20 ساعة منذ صباح الخميس (3 كانون الثاني 2020) وعادت مباشرةً إلى قاعدة عين الأسد بعد الانتهاء من العملیة”.

بالطبع، ليس في معطيات الموقع الإخباري المدعوم من طهران، ما يقدّم ما هو مغاير لما قد بات معروفًا، بأنّ الولايات المتحدة هي التي قامت بتصفية الجنرال الإيراني، باعتبار أنّ واشنطن نفسها تبنّت عمليّة الاغتيال في حينه. لكن ما يهمّ الآن، أنّ هناك تبنٍّ إعلاميّ من الجهات الإعلامية الإيرانية بأنّ تصفية سليماني قد تمّت داخل العراق.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن: ما دام مقتل سليماني قد حصل في العراق، فلماذا يُقيم “حزب الله” الدنيا في بيروت ولا يُقعدها بسبب هذا الحادث الذي لا علاقة للبنان به من قريبٍ أو بعيد؟

ربما، لم تكن هناك حاجة لطرح هذا السؤال، لو أنّ “حزب الله” أحيا الذكرى الثانية لرحيل سليماني كشأنٍ يعنيه على المستوى العقائدي، لكون الحزب جزءًا من “فيلق القدس” الإيراني. لكنّ الحزب تجاوز هذا الحد، فحوّل الذكرى، كما فعل الأمين العام حسن نصرالله في خطابه الأخير إلى منصّة هجومٍ ضدّ المملكة العربية السعودية، ليصل إلى القول: “طيّب من الـ 48 (1948 عام قيام دولة إسرائيل) إلى اليوم هنا خطابٌ للبنانيين أيضًا بين القاتل والشهيد. بفلسطين القاتل هو ‏الأميركي والإسرائيلي، والشهيد إلى جانب الشهيد الفلسطيني هو الشهيد قاسم سليماني ومن يمثل ‏وما يمثل. وفي لبنان أيضًا الخطاب للبنانيين الذين يتصرّفون أنّ أميركا صديق، نحن نعم لدينا ‏خلاف أصولي لدينا خلاف جذري في هذا الأمر وفي هذه المسألة، هذه ليست مسألة عادية ‏وبسيطة، هذه مسألة أكبر من النقاشات الاستراتيجية”.

هكذا انتقلت تصفية سليماني بيد الولايات المتحدة، من العراق إلى لبنان، كما يعلن نصرالله ذلك بوضوح. وهنا، كما يشرح نصرالله أنّ المشكلة تكمن في “خطابٍ للبنانيين الذين يتصرّفون كأنّ أميركا صديق”. فما يقوله نصرالله بوضوح، هو أنّ الولايات المتحدة التي صفّت سليماني، يتحمّل المسؤولية عن فعلها اللبنانيون الذين يتعاملون مع أميركا كصديق!

تشاء الأقدار، أن تحمل الأنباء في الأيام الأخيرة، من إيران التي يتحدّر منها سليماني، ومن العراق حيث قُتل الجنرال الإيراني، ما يؤكّد أنّ هناك حيث الأكثرية الشيعية في كلٍّ من البلديّن، من لا يطيق هذا التبجيل لهذا المسؤول الأمنيّ، والذي مارسته ولا تزال آلة الدعاية للنظام الإيراني وتوابعه في المنطقة لا سيّما في لبنان. ففي إيران أوردت وكالة الصحافة الفرنسية نقلًا عن وكالةٍ تابعةٍ للحكومة الإيرانية أنّ “تمثال اللواء سليماني الذي تمّ كشف النقاب عنه (الأربعاء في 5 كانون الجاري) في حضور الأهالي ومسؤولين في محافظة تشهار محال وبختياري، قد تمّ إحراقه خلال ليل اليوم نفسه “بعملٍ مشينٍ ارتكبه أفرادٌ مجهولون” وفق تعبير الوكالة الإيرانية.

أما في العراق، فقد وجّه النائب المستقل عن محافظة واسط سجاد سالم، السبت الماضي، انتقاداتٍ لاذعةً لحركة “عصائب أهل الحق” المدعومة من إيران، واتّهمها بـ “الإرهاب” على خلفيّة قيام أحد عناصرها بإطلاق النار عشوائياً فوق رؤوس متظاهرين في المحافظة حاولوا منع تجمّعٍ تكريماً لقائد “فيلق القدس”.

في المقابل، في لبنان، لا تزال قائمةً حتى الآن الجدارية الضخمة التي نصبها “حزب الله” على طريق المطار تكريمًا لسليماني، كي يظنّ الواصل إلى لبنان من الخارج أنه حلّ خطأً في طهران. كما لا يزال تمثال سليماني منتصبًا في الغبيري في الضاحية الجنوبية لبيروت. ومع أنّ الجدارية التي تمثّل استفزازًا لمعظم اللبنانيين ومثار استغرابٍ لزوّاره، لم تتعرّض للحرق. كما أنّ تمثال الجنرال الإيراني لم يتعرّض للهدم، لكنّ ذلك لم يعفِ اللبنانيين من “تهمة” الصداقة للولايات المتحدة.

ما يضفي البعد المأساوي على هذه المفارقة، أنّ موقفًا رسميًّا، ولو لفظيًّا لم يصدر عن أيّ جهةٍ مسؤولةٍ من رئاسة الجمهورية ونزولًا إلى سائر مواقع السلطة التنفيذية، سواء من اتّهامات نصرالله أو من جدارية الأخير وتمثاله.

من يجرؤ من هؤلاء المسؤولين فيقول لنصرالله: إنّ قتيلك سقط في العراق، فلماذا هذا الثأر منك في بيروت؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us