طوابير الخبز مؤجّلةٌ ومشروطة


أخبار بارزة, خاص 13 كانون الثاني, 2022

كتب إيلي صرّوف لـ “هنا لبنان”:

“إيّام الحرب، كنّا نوقف بالطوابير حتّى نجيب خبز”، هذه الحكاية القصيرة الّتي يُخبرها معظم الأهالي الّذين عايشوا الحرب اللّبنانيّة لعدّة سنواتٍ في القرن الماضي، تحوّلت شبحًا يطلّ برأسه بين الفينة والأخرى، ليُذكّرهم وأبناءهم بأنّهم قد يُحرمون حتّى من الخبز. فالطّغمة السّياسيّة الحاكمة الّتي لم تشبع نهبًا وإفقارًا وإذلالًا وقتلًا، والّتي أَرست نظام الطّوابير نمطَ حياةٍ مستحدَثًا، باتت تهدّد اللّبنانيّين بلقمة عيشهم.

في اليومين الماضييْن، كثرت الأقاويل والأخبار الّتي تُفيد بأنّ أزمة رغيفٍ تلوح في الأفق، وبأنّ طوابير الخبز عائدةٌ لا محالة، ما أثار الهلع في نفوس النّاس، الّذين تهافتوا على شراء الخبز اللّبناني.

وقد تبيّن لاحقًا، بحسب ما أعلن نقيب أصحاب الأفران في جبل لبنان أنطوان سيف، أنّ هناك نقصًا في مخزون القمح لدى ‏بعض المطاحن والأفران، لأنّ البضاعة لا تزال في المياه الإقليميّة.

وبعد رفع الدّعم عن مادّتَي السكّر والخميرة، وارتفاع سعر القمح عالميًّا وتكاليف النّقل، والانقطاع المستمرّ بالتيّار الكهربائي وزيادة الاعتماد على المولّدات الخاصّة، عُقد اجتماعٌ مطوّلٌ في وزارة الاقتصاد والتجارة أمس، للوصول إلى اتّفاقٍ عادلٍ على تحديد سعر الخبز الأبيض. ورغم إعلان وزير الاقتصاد أمين سلام، أنّ التّسعيرة الجديدة ستصدر صباح الأربعاء، إلّا أنّ التّباينات في وجهات النّظر، أرجأت الأمر إلى فترة ما بعد الظّهر، وقد جاءت الأسعار الجديدة على الشّكل الآتي: ربطة الخبز الأبيض حجم 345 غرامًا بـ 6000 ليرة، 835 غرامًا بـ 10000 ليرة، و1050 غرامًا بـ 12000 ليرة.

وعلى وَقع “تحليق” الدّولار وتخطّيه عتبة الـ 33 ألف ليرة، وما رافق ذلك من ارتفاعٍ جنونيٍّ في أسعار السّلع كافّةً، أكّد نقيب أصحاب الأفران علي ابراهيم، في حديثٍ لـ “هنا لبنان”، أنّه “عندما يرتفع سعر صرف الدّولار الأميركي في السّوق السّوداء، من الطّبيعي أن ترتفع أسعار البضائع المُستخدمة في عمليّة صناعة الخبز، الّتي يتمّ شراؤها بالدّولار”.

وأشار إلى أنّه “إذا كان المسؤولون مسؤولين فعلًا، فعليهم ملاحقة المضارِبين وتوقيفهم، وهُم بالتّأكيد يعرفونهم. كما عليهم إيقاف المنصّات واتّخاذ العديد من الإجراءات، فمسألة ارتفاع سعر صرف الدّولار لا تطال الخبز فقط، بل كلّ المواد الأساسيّة”.

ولفت ابراهيم إلى أنّ “لا خلافًا كبيرًا بيننا وبين وزارة الاقتصاد، ونحن متّفقون، فهناك منصّةٌ مشتركةٌ نعمل على أساسها، والخلاف على التّسعيرة كان بين الوزارة وتجمّع أصحاب المطاحن، الّذي كان يريد رفع سعر ربطة الخبز”، مشدّدًا على أنّه “إذا كان الطحين مؤمّنًا والتّسعيرة عادلة، فلن تكون هناك أزمة رغيف”.

أمّا عن فضيحة تهريب الخبز إلى سوريا، الّتي يعود الحديث عنها إلى الواجهة بين الحين والآخر، فرأى النّقيب أنّ “ما يُحكى عن أزمة تهريب الخبز إلى سوريا هو كذبة”، متسائلًا: “هل يتمّ اللّجوء إلى هذا الموضوع، كما فعلوا بمسألة المحروقات سابقًا، بهدف رفع الدّعم عن الطّحين؟”

على عكس معظم شعوب العالم، لا يمضي اللّبنانيّ أيّامه بالتّخطيط للمستقبل ورسم الأحلام وتطوير الّذات، بل بِعَدّ المصائب الّتي تهبط عليه من حيث لا يدري، والّتي يواجهها المسؤولون بـ “التفرّج” والجمود. فهل تنضمّ طوابير الخبز قريبًا إلى لائحة طوابير الّذل، وعندها تتحقّق مقولة “شحّدونا اللّقمة”؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us