السياحة في لبنان ضحية “الحرب”… والآمال بموسم الأعياد


خاص 11 كانون الأول, 2023

صيف 2023 نجح بدرجة ممتاز في الامتحان السّياحي، وكان التّعويل أن ينسحب هذا النّجاح على موسم الأعياد والسّياحة الشّتويّة إلّا أنّ التّطوّرات المؤسفة أعادت خلط الأوراق.


كتب إيلي صرّوف لـ “هنا لبنان”:

في الحرب لا يوجد رابحٌ بالمطلق، بل الكلّ خاسر وَلو بنسبٍ متفاوتة. والحرب في قطاع غزة، منذ 7 تشرين الأوّل الماضي، أبرز دليلٍ على ذلك. ولبنان الّذي بات “بكلّ حرب إلو قرص”، لم يَسلم من شظايا الخسائر المؤلمة، وسط محاولات لجرّه إلى حربٍ شاملةٍ لا يستطيع تحمّل نتائجها الكارثيّة.

من وباء “كوفيد 19” إلى انفجار مرفأ بيروت فالأزمة الماليّة الاقتصاديّة الطّاحنة، لا يكاد “بلد الأرز” بمختلف قطاعاته يلتقط أنفاسه بعض الشّيء، حتّى تأتيه ضربةٌ أقوى من حيث لا يدري، فتُعيده خطواتٍ إلى الوراء في مسيرة النّهوض. والضّربة الأحدث هي الحرب على غزّة والتّصعيد الأمني المستمرّ على الحدود اللّبنانيّة الجنوبيّة، والذي أعدم أيّ تحوّلٍ إيجابيٍّ في المشهد الدّاخلي.

ويُعتبر القطاع السّياحي ومن ضمنه قطاع المطاعم والملاهي، الأكثر تأثّرًا وتضرّرًا من الأحداث الأخيرة، الّتي لا أفق واضحًا لها. في هذا الإطار، يوضح نائب رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان خالد نزهة، في حديث لـ”هنا لبنان”، أنّ “الحركة عامّةً تراجعت إلى حدٍّ كبيرٍ وقاسٍ، والأعمال في كلّ البلد متأثّرة بما يحصل، إذ أنّ الحرب دائرة في قسم من الوطن، لكنّنا نتأمّل ونتوقّع أن يأتي الكثير من المغتربين خلال فترة الأعياد، إذا توقّفت الحرب. وإذا لم يتمكّنوا من المجيء، فسيُرسلون أموالًا إلى عائلاتهم هنا، ما سيساهم في تحريك العجلة الاقتصاديّة”.

ويشدّد على أنّ “القطاع السّياحي متميّزٌ في البلد، ولعب دورًا كبيرًا بعد انفجار المرفأ والأزمة الماليّة، وتمكّن من النّهوض بعدما أقفلت 50 بالمئة من مؤسّساته أبوابها”، كاشفًا أنّ “في العام الحالي، نحو 300 مؤسّسة سياحيّة جديدة أبصرت النّور، ما خلق أكثر من 25 ألف وظيفة”.

صيف 2023 نجح بدرجة ممتاز في الامتحان السّياحي، مع تسجيل حركة وافدين لافتة إلى لبنان، بالتّوازي مع إقبالٍ ملحوظٍ على المطاعم والملاهي وغيرها من المؤسّسات السّياحيّة. وكان التّعويل أن ينسحب هذا النّجاح على موسم الأعياد والسّياحة الشّتويّة أيضًا، لرفد البلد بما ينعش اقتصاده، إلّا أنّ التّطوّرات المؤسفة أعادت خلط الأوراق.

غير أنّ نزهة يتسلّح بنظرةٍ تفاؤليّةٍ للمرحلة المقبلة، ويؤكّد “أنّنا كمطاعم وملاهٍ لدينا الجهوزيّة الكاملة خلال فترة الأعياد لتقديم أداءٍ جيّدٍ جدًّا. حتّى أنّنا كنّا نتأمّل أن يمتدّ الموسم النّاجح من الصّيف إلى ما بعد رأس السّنة، لكنّ الأحداث الأخيرة كانت أكبر منّا”.

ويبيّن “أنّنا نعمل الآن لجذب اللّبنانيّين المقيمين وتلبية تطلّعاتهم، ويتمّ التّحضير لحفلات تكون أسعارها مدروسة جدًّا، ليستطيع المواطن ارتياد المطاعم والمؤسّسات السّياحيّة خلال فترة الأعياد”، مركّزًا على “أنّنا كقطاع وأصحاب مؤسّسات وعاملين نحاول أن نتغلّب على حالة الحزن، ونزرع الفرح والأمل لدى النّاس”.

ويتخوّف نزهة من أنّ “استمرار الأوضاع على ما هي عليه حتّى نهاية العام، سيدفع فمؤسّسات عدّة لإعادة النّظر بأوضاعها، لأنّ الكثير منها استعانت بموظّفين جدد أو استعادت موظّفين من الخارج اضطرّوا إلى الهجرة قسرًا بسبب الأزمة. وبالتّالي يجب أن تتمسّك بالموظّفين وتقوم بما يلزم لتأمين استمراريّة العمل”.

ويشير إلى أنّ “الحجوزات لسهرات رأس السّنة والمشهد العام خلال فترة الأعياد، سيتّضحان أكثر خلال 10 أيّام من الآن، لا سيّما مع مَيل شريحةٍ واسعةٍ من المواطنين إلى الحجز “آخر دقيقة”، منوّهًا إلى أنّ “هناك أملًا كبيرًا بأنّ يأتي المغتربون من الخارج، وأن يتمكّن المقيمون من ارتياد المؤسّسات السّياحيّة”.

في ميزان الرّبح والخسارة، وصلت كفّة القطاع السّياحي هذا العام إلى مستوى مرتفع، بعدما مُنيت بانتكاساتٍ كبيرةٍ في الأعوام الماضية، منها تراجُع نسب الإشغال، إقفال عددٍ من الفنادق والمطاعم، وإلغاء حجوزات المغتربين والسّيّاح. إلّا أنّ المستجدّات الدّاخليّة والإقليميّة شكّلت خنجرًا في خاصرة السّياحة. فهل تحرق احتمالات الحرب الاقتصاد اللّبناني والآمال السّياحيّة، أم أنّ رواية طائر الفينيق ستنجح في كتابة فصلٍ جديدٍ لها؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar