مشروع “الدولار الجمركيّ”: يُفقر السّكان و”يفتح شهيّة” المهرِّبين


أخبار بارزة, خاص, مباشر 26 كانون الثاني, 2022

كتبت فانيسا مرعي لـ “هنا لبنان” :

عاد الحديث عن موضوع تعديل “الدولار الجمركي” بزخمٍ كونه يندرج ضمن إطار النقاش الجاري في خلال الجلسات المتتالية التي يعقدها مجلس الوزراء لإقرار مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2022. فبعد إعلان وزير المالية يوسف الخليل، عقب اجتماع المجلس الاثنين الماضي، أن “الدولار الجمركي” سيُحتَسب على سعر منصة “صيرفة”، تفاقمت المخاوف من تردّدات هذا الإجراء على الأوضاع الاقتصادية والمعيشيّة. علماً أن موضوع “الدولار الجمركي” سبق أن طُرح في العام 2020 وبقي قيد التداول والبحث كونه يزيد إيرادات الدولة، وسط تساؤلاتٍ عدّة حوله وتحذيرات التجّار من تأثيره السلبيّ على الاستيراد.

فما تداعيات تنفيذ هذا التعديل؟
يوضح الاقتصاديّ البروفسور جاسم عجاقة أنّ سعر منصة “صيرفة” ليس ثابتاً، إنّما يتغيّر بحسب العرض والطلب الاقتصادي في السوق. ويشير إلى أن التداعيات الاقتصاديّة التي يمكن أن تنتج عن زيادة سعر “الدولار الجمركي” تتظهّر من خلال ما سيحلّ بالعموديْن الأساسيّيْن للاقتصاد، أي الشركات والأُسَر.
وبالتّالي يحذّر عجاقة، في حديثٍ لـ “هنا لبنان”، من التداعيات السلبيّة التي ستحصل في حال السير بمشروع “الدولار الجمركي” في ظلّ وجود ضعفٍ في الرّقابة، مؤكداً أنّ “الأسعار سترتفع تلقائياً”. بمعنى آخر، يشرح أنّه “سيحصل تضخّم يؤدّي إلى ضرب القدرة الشرائيّة لدى المواطنين وبالتالي إلى ازدياد حالات الفقر. كما سترتفع الكلفة التشغيليّة لدى الشركات المنتِجة التي تستورد الموادّ الأوليّة من الخارج، ما قد يدفعها إلى صرف عمّال وموظّفين لديها”.
عجاقة الذي شدّد على ضرورة مواكبة هكذا قرار بمراقبة فعّالة منعاً للفوضى، يشرح ما يحصل حالياً في الأسواق: “التجار يستوْفون قيمة الرسم الجمركي والضريبة على القيمة المضافة لبضائعهم وفق سعر الصرف في السوق السوداء، بينما يسدّدونهما للدولة حتى الساعة وفق السعر الرسمي للصرف أي 1500 ليرة”. ويلفت إلى أنّه بما أنّ التجار يسعّرون على هذا الشكل، والمستهلك يدفع إذاً هذه الضرائب وفق سعر الصرف في السوق السوداء عن طريق شرائه البضائع والسلع، لذا يمكن للأسعار ألاّ ترتفع، لو أنّ الرقابة عليها مُفعَّلة بالطريقة اللّازمة.

لماذا التوجّه إلى زيادة سعر “الدولار الجمركي” بشكل خاصّ؟
يذكّر عجاقة بأحد المطالب الأساسيّة لصندوق النقد الدولي وهو توحيد أسعار الصرف المتعدّدة، ولكنّه يحذّر، في المقابل، من أن اعتماد سعر صرف موحّد من دون الاتّفاق مع صندوق النقد سيؤدّي إلى كارثة. ويقدّم مثالًا عن القروض القائمة بالدولار، والتي يَعتبر أنّ هناك استحالة في تسديدها إذا احتُسبت باللّيرة وفق سعر منصة “صيرفة”، بدلاً من السعر الرسمي للصرف المعتمد حالياً. ويقول: من هنا وُضعت خيارات أخرى على الطاولة، على رأسها تعديل “الدولار الجمركي”.
لذا، يبقى السؤال الجوهريّ: هل “الدولار الجمركي” سيشمل احتساب الضريبة على القيمة المضافة أو سيشمل فقط احتساب الرسم الجمركي؟ وماذا عن السلع والخدمات المستثناة من الضريبة على القيمة المضافة؟
“لا نعلم ما إذا كان “الدولار الجمركي” سيشمل الضريبة على القيمة المضافة، وبالتالي يتوجّب على وزارة المالية إيضاح هذا الطرح”، وفق عجاقة. ويوضح “إنّ المادّتيْن 16 و17 من قانون الضريبة على القيمة المضافة تنصّان على إعفاء بعض الخدمات والسلع الأساسيّة من هذه الضريبة، وحتّى لو شمل “الدولار الجمركي” الضريبة على القيمة المضافة فإنّ هذه السلع والخدمات ستبقى مُعفاة”.
أمّا عن احتمال ارتفاع التهريب بعد زيادة سعر “الدولار الجمركي”، فيشير عجاقة إلى “أنّ ظاهرة تهريب البضائع باتّجاه معاكس، أي من الخارج إلى لبنان، بدأت منذ مدّة وستزداد الوتيرة في حال فرض الدولار الجمركي، لذا من الضروريّ فرض سيادة الدولة الماليّة على أراضيها”.

إذاً، يبدو أننا أمام بدعة جديدة، ابتكرتها السلطة للتحايل على الشعب، تقوم هذه المرّة على تقديم مساعدات اجتماعيّة وبدلات نقل مباشرة، مقابل استيفائها مجدّداً عبر ضرائب غير مباشرة!

 

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us