داعش لبنان: لا داعي للهلع


أخبار بارزة, خاص 2 شباط, 2022

كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان” :

جملة أسبابٍ تدفع بكلّ من يتابع عن كثب تجنيد داعش لشباب لبنانيين أغلبيتهم من الشمال، إلى الاستنتاج بأنه وإلى الآن لا داعي للهلع.

لم تكن القوى الأمنية وخصوصاً مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، غافلة عن ظاهرةٍ قديمةٍ تجددت. اختفاء شبّانٍ لبنانيين في ظروف غامضة وسط تكتم من عائلاتهم ومحيطهم، وسط تزايد حالات الاختفاء بشكل لافت، كان لا بد من إمساك طرف الخيط، والكشف عن هوياتهم والأسماء والأعداد، والوجهة وطريقة التوجه إلى الوجهة التي هي العراق، فلكل حالة من حالات الاختفاء أسبابها، لكن الهدف واحد: الالتحاق بداعش والهرب من جحيم معيشي، إلى جنة جهاد الفريش دولار، وإلى متاهة التجند في تنظيمٍ تستطيع الكثير من الدول والقوى الإقليمية المتخاصمة أو المتحالفة تجنيده لتنفيذ أجنداتها في العراق وسوريا، وانطلاقاً منها إلى الكثير من مسارح العالم.

تفيد المعلومات أن طرف الخيط الأول لاختفاء الشبان، تم إمساكه، بعد اغتيال المؤهل في الجيش اللبناني، وتوصلت مخابرات الجيش إلى اعتقال أحد المنفذين، وهرب الآخر إلى العراق على الأرجح، بعد أن تشاركا في تنفيذ الاغتيال مستعملين دراجة نارية وتعذر على الكاميرات الموجودة معرفة الوجوه، لكن الاستقصاء فضح المنفذين، وأدى التحقيق مع أحدهما إلى أن يعترف بأن شباناً كثر فروا إلى العراق والتحقوا بداعش.

سارت التحقيقات على مجموعة فرضيات، فالذين ذهبوا إلى العراق، سلكوا طريقين: الأول مطار بيروت إلى تركيا، وهؤلاء هم الذين لا توجد بحقهم مذكرات توقيف أو إشارات قضائية، والثاني براً عبر سوريا، والفئة الثانية يطرح فرارها أكثر من علامة استفهام حول تمكنهم من قطع المسافة الطويلة في الأراضي السورية، وعما إذا كان هناك تسهيل أو غض نظر، وهذا أمر ليس مستبعداً.

تضيف المعلومات أن التحقيق هدف إلى حصر أعداد الفارين، فخلافاً لما قيل أن العدد تجاوز المئات، هناك تأكيد على أنه لم يتجاوز الـ 70 شاباً معظمهم في أوائل العشرينات، لا بل أن الظاهرة الأخطر هي محاولة عدد لا بأس به من القُصَّر أن يفروا ايضاً، وهؤلاء خلقوا معضلة كبيرة، لأن توقيفهم وزجهم في سجن رومية سيكون عبارة عن تحويلهم إلى قنابل موقوتة فور خروجهم من السجن المزري، كما أن تركهم يعني مراقبتهم دون التأكد مما قد يقومون به، باعتبارهم دون الـ 18 سنة، ومن السهل غسل أدمغتهم واقتيادهم إلى العنف.

هنا كان لا بد من أن تتخذ خطوات غير تقليدية بخصوص التعامل مع الشبان القُصَّر، وتواصل الجيش مع مرجعيات دينية في طرابلس وعكار، للمساعدة في احتواء هذه الظاهرة ولكي يكون هؤلاء الشبان تحت المراقبة الأمنية والأبوية في آن، وقد تعاونت هذه المرجعيات، ونسقت جهدها مع الجيش والقوى الأمنية لإتمام المهمة.

خلاصة ملف داعش لبنان، تفيد أن الجيش والقوى الأمنية وعلى الرغم من الانعكاس الأسوأ للانهيار الاقتصادي عليها تقوم بدورها على نحو محترف، لإجهاض أي محاولة لتوظيف داعش في تخريب الوضع الأمني وهز الاستقرار، وهذا الجهد لا ينفصل عن تعاون دولي مع الأجهزة اللبنانية إذ يتم مدها بالمعلومات، التي تضاف إلى متابعتها الدقيقة لتطور الملف الذي عاد وتحرك بخلفية الانهيار الاقتصادي، فالتجنيد ينجح في بعض الحالات بسبب الفقر المدقع وانعدام الأمل الذي يدفع ببعض الشباب لرمي أنفسهم في الجحيم. لعل أوضح الروابط بين الوضع الاقتصادي المتردي والفرار إلى داعش، ما تورده مصادر أمنية من معطيات معبرة، إذ تكشف أنّ سنة 2019 لم تشهد حالة فرار واحدة أو التحاق بداعش، هذا المعطى يختصر معظم الأسباب، ويؤكد أن من قادوا لبنان إلى الانهيار لم تنحصر جرائمهم بإفقار شعب بكامله، بل هم يتحملون أيضاً مسؤولية هذا الملف الأمني الخطير.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us