ضمان الشيخوخة “شاخ” في أدراج المجلس.. بلال عبدالله لـ “هنا لبنان”: ما زلنا ندرسه!


كتب أنطوني الغبيرة لـ “هنا لبنان”:

في زمننا يولد الفرد في لبنان مُسيّراً حالماً بحقوقه ويموت أيضاً مسيّراً لكن هذه المرّة مسلوباً من حقوقه. وقد تكون نهاية ذاك المواطن حزينة مع عدم استطاعته تأمين الاستشفاء أو الطعام أو حتّى مشرّداً دون مسكن… فرعاية الدولة الاجتماعيّة غائبة وواجباتها تجاه شعبها شبه معدومة. ممّا يدفعنا لطرح أسئلةٍ عديدة، حول مسار تطبيق قانون نظام التقاعد والحماية الإجتماعيّة ومدى جدّية رغبة القوى السياسيّة بإقراره في لبنان؟
نظام التقاعد والحماية الإجتماعيّة مُتّبع داخل أكثر من 163 دولة حول العالم. لبنان من ضمن الدول القليلة المُتبقيّة التي لم تتّبع بعد هذا النظام الّذي يؤمّن بالإضافة الى الضمان الصحيّ، معاشاً تقاعدياً للأفراد بعد نهاية خدمتهم الوظيفيّة.
في لبنان حُدّدت الجهات التي يمكنها الإستفادة من القانون الجديد؛ فكل منتسبٍ إلى نقابة أو برنامج اقتصاديّ يستطيع الاستفادة من هذا القانون، أي ليس فقط الأجراء الّذين ينتسبون إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بل أيضاً أرباب العمل.
في العام 2003 أصدر مجلس الوزراء قرارًا يقضي بتكليف لجنة وزارية متخصصة دراسة تطبيق نظام التقاعد والحماية الإجتماعيّة الذي يتضمّن معاشاً تقاعدياً بالإضافة إلى رعاية صحيّة، وفي العام 2004 أُقِرّ مشروع قانون نظام التقاعد والحماية الإجتماعيّة وأحيل إلى مجلس النواب الّذي طرحه على هيئته العامة في العام 2008. بعد عرض هذا المشروع على الهيئة العامة للمجلس أُعيد إلى اللّجان النيابيّة لدراسته، بالإضافة إلى تشكيل لجنة نيابيّة فرعيّة مؤلّفة من ممثلي الكتل النيابيّة برئاسة النائب “نقولا نحاس”.
لمزيد من المعلومات حول هذا القانون، أجرى “هنا لبنان” اتّصالًا بالنائب “بلال عبدالله” أحد أعضاء اللّجنة النيابيّة الفرعيّة المُكلّفة دراسة القانون الجديد. فاستهلّ عبداللّه حديثه بالتمييز بين نظام التعاقد والحماية الاجتماعيّة الّذي يطال العاملين بالقطاعين العام والخاص وبين ضمان الشيخوخة الّذي يطال جميع الأفراد دون تفرقة، واعتبر أنّ هناك خطأ شائعًا في لبنان حول استعمال المفاهيم والتسميات بشكلٍ صحيح.
وأكّد النائب عبداللّه أنّ اللّجنة الّتي تشكّلت تزامناً مع جائحة كورونا لا زالت تدرس نظام التقاعد والحماية الاجتماعيّة؛ وكانت قد عُرقلت اجتماعاتها 6 أشهرٍ بسبب الجائحة و6 أشهرٍ أخرى بسبب الوضع الاقتصادي بلبنان.
وأضاف أنّ الجزء المالي المرتبط بالوضع الاقتصادي، تأثّر بسعر صرف الدولار غير المستقرّ الّذي يؤثّر على استقرار العملة الوطنيّة، وبالتالي يصعب على اللّجنة لغاية اليوم وضع أرقام ونسب في ظلّ الوضع القائم فاللّجنة لا تستطيع وضع برنامج غير قابل للتطبيق لأنّ بهذه الطريقة تكون هناك عمليّة غشّ للشعب.
بينما الجزء الثاني وهو التقنيّ المرتبط بهيكليّة هذا القانون، تحاول اللّجنة وضع القالب الأساسيّ. فهي اليوم تدرس الآليات ضمن معايير دوليّة، آخذة بعين الإعتبار تجارب الدول التي تشبهنا بلبنان وبعض تجارب الدول الأفضل منّا؛ وتمّت مقارنة التجارب جميعها مع الواقع اللّبنانيّ مع دراسة الحدّ الأدنى للأجور وسوق العمل والعقد الاجتماعيّ الموجود في لبنان من خلال الضمان الاجتماعيّ. بالإضافة إلى وجود منظمّة العمل الدوليّة التي لديها خبرة في هذا الموضوع داخل اللّجنة النيابيّة الفرعيّة.
وعند سؤاله عن توقيت انتهاء اللّجنة من دراسة هذا القانون في ظلّ الوضع الإقتصاديّ القائم، أجاب أنّ هناك سيناريوهين موضوعين:
-الأوّل: إقرار كامل الهيكليّة وترك الشقّ المالي والأرقام والنسب لمراسيم حكوميّة. بما يعني إعطاء مجلس الوزراء صلاحيّة دراسة الشقّ الإقتصاديّ.
-الثاني: التريّث وأخذ بعض الوقت الإضافيّ لأنّ المشكلة هي ماليّة هذه المرّة أيضاً وتحديداً مع الصندوق الوطني للضمان الإجتماعيّ.
من جهةٍ أولى، رأس المال المُعتمد في الصندوق الجديد أي صندوق نظام التعاقد والحماية الإجتماعيّة، هو مال تعويض نهاية الخدمة الموجود في رصيد الصندوق الوطني للضمان الإجتماعيّ. وهناك إشكال بالوقت الحالي حول هذا الموضوع كون قيمة هذه الأموال لم تعد كالسابق بسبب تقلبات سعر الصرف.
من جهةٍ أخرى، هناك مشكلة إضافيّة، فالدولة لا تدفع للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، ولا حلول بالمدى المنظور. لذا يقوم هذا الصندوق بسحب مال نهاية الخدمة بهدف الدفع للمستفيدين من خدمة المرض والأمومة.
الموضوع الإقتصادي يأخذّ حيّزًا كبيرًا من اهتمام اللّجنة الفرعيّة، فتأمين الأموال للصندوق الجديد لا يكفي لأنّ الاستمراريّة ووضع خطط هي أساس في القانون الجديد. واعتبر النائب عبداللّه أنّ الصناديق التقاعديّة خارج لُبنان هي استثماريّة مستقلّة. من هنا طرحنا عليه سؤالًا حول الجهة التي ستتولى إدارة هذا الصندوق، فأجاب أنّ هناك هيئة مستقلّة ستتولى إدارة مال الأفراد وستكون مسؤولة عنهم غير أنّها سوف تكون تحت إشراف الصندوق الوطني للضمان الإجتماعيّ. وبالطبع مع ثلاثية التمثيل للدولة ولأصحاب العمل والعمّال.
وفي نهاية حديثنا معه أشار النائب “بلال عبداللّه “أنّ نقاش اللّجنة لا يتطرّق لأخذ قرض من صندوق النقد الدولي، لأنّ هذا الموضوع خارج نقاش اللّجنة الفرعيّة، فصندوق النقد الدولي لا يعطي قروضًا لهكذا نوع من المؤسسات والصناديق. موضوع صندوق النقد الدولي هو موضوع سياسيّ صرف.

إذاً نحن اليوم بانتظار انتهاء اللّجنة النيابيّة من درس مشروع القانون الجديد، غير أنّنا أيضاً متأمّلون تحسّن واستقرار الوضع الاقتصاديّ للبتّ بقانون نظام التقاعد والحماية الاجتماعيّة كوننا بأمسّ الحاجة له في لبنان. على أمل أن يكون هذا القانون من أولويات جدول أعمال المجلس النيابيّ الجديد.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us