في “البحث عن علا”.. هند صبري تصفع “عاوزة أتجوز”!


أخبار بارزة, خاص 16 شباط, 2022

كتبت نسرين مرعب لـ “هنا لبنان” :

حينما أعلنت منصة “نتفلكس” عن مسلسل “البحث عن علا”، للممثلة هند صبري، ومع ظهور عدد من شخصيات مسلسل “عاوزة أتجوز” الذي عرض في العام 2010 ولاقى شعبية كبيرة، ظنّ الكثيرون أنّهم أمام جزءٍ ثانٍ، وأنّ علا ستتابع رحلتها في البحث عن “الزوج”، تحت مبدأ “ضل راجل ولا ضل حيطة”، و”البنت ما إلها غير بيتها”!

هذا الظنّ لم يأتِ من فراغ، فمسلسل “عاوزة أتجوز” بحلقاته الـ30، وضع المرأة في قالب واحد، وهو الزوجة، فـ “علا” الحائزة على شهادة صيدلية، والتي أعدّت الماجستير، والعاملة في اختصاصها لم تكن تحظى بأيّ أفضلية، فكانت دائماً أسيرة المجتمع، وعليها أن تتزوج قبل أن تصبح ثلاثينية فيفوتها القطار وتأخذ لقب “عانس”.

في تلك المرحلة، تقبلنا نحن المسلسل، كما تقبلت تأدية الدور هند صبري، ربما لم نكن نعي أو تعي، ما الرسائل التي يتركها هذا المسلسل في أذهان من يتابعنه من الفتيات، ولا ننكر أنّ العديدات تأثرن بهذه الشخصية فأصبحن شغوفات باقتناص العريس قبل الشهادة وقبل تحقيق أيّ نجاح مهني.

بعد 12 عاماً، “علا” التي ركضت وراء العريس بالفستان الأبيض عادت بشخصية مختلفة، في الحلقة الأولى كان المشهد متماهياً استقبلنا “علا” بالشخصية نفسها، مع فارق الطبقة الاجتماعية، وهو فارق ليس غريباً، فعريس “علا” الذي وقع في المصيدة في آخر حلقات المسلسل كان “ميسوراً”.

بداية كانت “علا” مقتنعة، هي زوجة وأم، و”ست بيت”، وفي ردّ على قريبة زوجها قالت لها “أنتِ اخترت العمل وأنا الأسرة”، هذه الجملة هي باختصار تصلح لأن تكون مفتاح المسلسل.

فهل علينا الاختيار؟ أو هل يجب قتل طموح لأجل طموح؟

وهنا بدأت شخصية “علا” تتبلوَر بعد نضج 12 عاماً، نضجٌ أصاب المجتمع وهند صبري نفسها، فانعكس على الشخصية وعلى النص.

“علا” تحوّلت فجأة إلى مرأة مطلقة، تواجه جيل والدتها (النجمة سوسن بدر)، وجيل ابنتها وصديقتها، وهذا الجيل لا يريد أن يراها “مكسورة”.

خلال ستّ حلقات، بدأت “علا” رحلة البحث عن الذات، بداية كأيّ امرأة حاولت إغاظة طليقها، ثم بدأت تغرق في نجاحها الخاص، الخطوة الأولى كانت بمحادثة صديقتها بعدما ابتعدت عنها كُرمى لرغبة الزوج، هنا بدأت “علا” تستعيد نفسها وقرارها بعيداً عن أيّ وصاية.

كانت “علا”، كطفلة، تكتشف الدنيا لأوّل مرة، تحررت من قيد مجتمع أرادها أن تكون “مدام” فهي تزوجت، وأنجبت. وتحدّت مجتمعًا يريد أن يرى المطلقة بائسة، يائسة، فكانت الصورة المعاكسة، متمردة، ناجحة!

المسلسل يحمل رسائل كثيرة، فالزواج ليس هدفاً بالطبع، وهذا خطأ “عاوزة أتجوز”، والطلاق ليس “نهاية”، وهنا أبدعت هند صبري، والطموح ليس ترفاً، بل هو الهوية.

في الحلقات الستّ بحثت “علا” عن هويتها، أسست عملها، حصدت نجوميتها، أخطأت، ووقفت من جديد، وحينما أتيحت لها فرصة العودة لزوجها الذي تركها دون أيّ مبرر فقط لكونها امرأة تقليدية متفانية، رفضت، فهي ليست “أوتيل”، ولا يمكنه أن يدخل حياتها ويخرج وقتما شاء.

رسائل المسلسل استمرت حتى النهاية، وفي حوارها الأخير مع جارها الدكتور مروان، والذي أظهر لنا السياق كيف بدأت تنشأ بينهما بعض المشاعر. وهو كأيّ رجل لم ينسجم وضجيج “علا”،فترك لها  الخيار، أو تكمل معه “ست بيت”، أو تتابع مسيرتها، هو لم يقل هذا حرفياً ولكن حبكة السيناريو أظهرت الأمر بشكل جليّ، وكانت المفاجأة أنّ “علا” اختارت طريقها، وهذه النهاية الأجمل للمسلسل!

فـ”علا” التي ركضت 30 حلقة وراء رجل، ها هي بعد 12 عاماً تركض وراء حلمها وحياتها وطموحها، دون أن ترفض شريكاً، هي فقط رفضت شريكاً يريد محو شخصيتها، ورفضت أن تكون تلك المرأة المتلهفة للزواج مرضاةً لمجتمع قد ينتقص منها.

والجميل في “علا”، هو المرحلة العمرية، فالمرأة الأربعينية استطاعت أن تبدأ من الصفر. ما يعني أن لا نهاية، نحن فقط من نقرر بدايتنا ونهايتنا.

علا بحثت عن نفسها، يبقى أن تخوض كل امرأة هذه الرحلة، وأن تجد نفسها بعيداً عن أيّ تأثيرات خارجية وبالأخص مجتمعية.

علماً، أنّ صورة الزوج التي صوّرها المسلسل ليست الصورة المتعارف عليها في مجتمعاتنا، وهنا “التحفظ”، فالرجل الذي لا يحارب زوجته إن في مسكنها أو أولادها أو حقوقها، ليس صورة نمطية في مجتمع لا يترك فيه الرجال أيّ من الوسائل لإذلال المرأة بعد الطلاق لتجريدها من كلّ ما هو حقّ مكتسب لها من أمومة إلى مسكن إلى نفقة..

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us