الهيئات الناظمة في القطاعات الإنتاجية… عرقلةٌ متواصلةٌ في التعيين


كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان”:

لسنوات طويلة جمدت خطوة تعيين الهيئات الناظمة في قطاعات الكهرباء والاتصالات والطيران المدني. والأسباب الكامنة وراء ذلك ليست بمجهولة، إنما بفعل حقيقة واحدة تتصل بهواجس بعض من تعاقب على الوزارات المعنية من أن تُغيِّب هذه الهيئات أدوارهم. استمر الأمر على هذا المنوال لفترة طويلة. لكن التاريخ سجّل شواهد مناكفات بين الوزير ورئيس الهيئة فضلًا عن عدم انسجام واستقالة رئيس هيئة أخرى. وعلى الرغم من أن الجهات السياسية بذلت قصارى جهدها لعرقلة تعيين هذه الهيئات، إلا أنها جاهرت في الإعلام عن ضرورة قيامها، لا بل تحدثت عن تمسكها بها. وفي المحصلة لا هيئات ناظمة “ولا من يحزنون”، ويمكن القول أن الكلام عنها تراجع بنسبة كبيرة، لكن فجأة ومن دون سابق إنذار دعا رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي في مجلس الوزراء الذي كان يناقش خطة الكهرباء إلى تعيين الهيئات الناظمة في الكهرباء والاتصالات والطيران المدني.
هذا الإجراء هو مطلب إصلاحي بالدرجة الأولى وليس مستغربًا أن يقع في صلب الاهتمام الدولي، لا بل أنه ورد بشكل واضحٍ ضمن الورقة الفرنسية التي وافق عليها جميع الأطراف اللبنانيون، في أثناء زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان في أعقاب انفجار الرابع من آب.
حاليًّا، ليس هناك من جوٍّ مؤاتٍ يسمح بتمرير هذه الهيئات إلا إذا حلت معجزة ما، وهذا ينطبق على هيئة الكهرباء بوجه الخصوص التي دخلت معمعة المطالبة بتعديل مهامها.
فماذا تعني الهيئة الناظمة؟ تسمى بالإنكليزية Regulatory Body وهي كيان رقابي ومتخصص يتألف من اختصاصيين من القطاع العام والقطاع الخاص، تعينه الحكومة، ويعطيه القانون صلاحيات تسمح له بلعب دور كبير على مستويات عدة وباستقلالية تامة. ويتولى عضوية الهيئات الناظمة اختصاصيون، وتتولى الهيئة في المبدأ صلاحيات تقريرية، تسحب سلطة القرار من الوزير المختص ومستشاريه الى الهيئة مجتمعة. وفي الحالة اللبنانية، يمارس العُرف الميثاقي في قوانين إنشاء الهيئات الناظمة الصادرة عن البرلمان، التي غالباً ما تكون مؤلفة من ستة أشخاص، كي تتمثل فيها الطوائف الست الكبرى وفق مبدأ المناصفة بين المسيحيين والمسلمين. ويكمن دورها الأساسي في تقديم الخطط للوزراء وإعداد الدراسات والأنظمة التي من شأنها تطبيق القوانين المتصلة بكل قطاع وتحيلها إلى الوزير وتساعد في اتخاذ القرارات وفق أحكام القانون الذي أقرّ إنشاءها.
وتفيد مصادر مطلعة لـ “هنا لبنان” أن التعيين يتطلب توافقًا سياسيًّا كبيرًا قبل أن يصل إلى مجلس الوزراء، وهذه نقطة غير مبتوت بها. أما إذا كان هناك من هيئة ستمر قبل الأخرى والمقصود بذلك الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات، فذلك غير واضح أيضًا مع العلم أن وزير الاتصالات جوني القرم طرح الأمر مع رئيس مجلس الوزراء.
وتلفت المصادر نفسها إلى أن المحاصصة ستدخل على الخط طالما أن التعيين سيتمّ وفق التوزيع الطائفي كما أن الأفرقاء السياسيين سيطالبون من دون أدنى شك بحصص لهم في هيئات كهذه.
وهنا تقول المصادر أن تعيينات المجلس العسكري قامت عليها القيامة ولم تهدأ إلا بعد سلسلة اتصالات فكيف إذا كان الأمر متّصلًا بهذه الهيئات التي تقع على عاتقها مسؤوليات أكبر من تلك التي تعهد إلى الوزراء أنفسهم، دون إغفال الاعتمادات المالية الكبرى لرئيس الهيئة والأعضاء.
وفي سياق آخر تقول أوساط مراقبة لـ “هنا لبنان” أن طرح تعيين الهيئات الناظمة في الوقت الذي تستفحل فيه الخلافات السياسية يندرج في إطار الشعبوية ليس إلا، لافتة إلى أن هذا التعيين يستدعي وقتًا لم يحن أوانه بعد.
لكن هل ستبقى القطاعات الإنتاجية الأساسية من دون هيئات ناظمة، إنه السؤال الأصعب ولكن الإجابة عليه تنتظر التغيير المنشود في البلد.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us