الطلّاب اللّبنانيّون في أوكرانيا: من الدّراسة في الجامعات… إلى الاختباء في أنفاق “المترو”!


كتب إيلي صرّوف لـ “هنا لبنان”:

متجاهلًا كلّ التّحذيرات والتّهديدات، فَعلها الرّئيس الرّوسي فلاديمير بوتين، وأعلن في ساعة مبكرة من صباح أمس الخميس، تنفيذ عمليّة عسكريّة في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا، مشيرًا إلى أنّ “مجمل تطوّرات الأحداث وتحليل المعلومات، يُظهر أنّ المواجهة بين روسيا والقوى القوميّة في أوكرانيا لا مفرّ منها”. وعلى وقع أصوات الصّواريخ والقذائف، انهالت التّنديدات والاستنكارات والعقوبات، لعلّها تُنقذ أوكرانيا من نيران بوتين.
لا يوجد رابحون في الحرب، بل خاسرون بدرجات متفاوتة. وفي الحرب الرّوسيّة – الأوكرانيّة المشتعلة، الخاسرون الأُول هم مواطنو أوكرانيا وسكّانها، ومن بينهم آلاف اللّبنانيّين المتروكين لمصيرهم، في ظلّ بطء وغياب غير غريب من قِبل الجهات المعنيّة، للوقوف عند حاجات أبناء الجالية هناك، ومساعدة من يريد منهم على مغادرة ساحة الحرب المحتدمة.
في هذا الإطار، أوضح رئيس الجالية علي شريم، في حديث لـ “هنا لبنان”، أنّ “الجالية تنقسم إلى قسمين: اللّبنانيّون الّذين يعيشون في أوكرانيا منذ عدّة سنوات وباتوا يحملون الجنسيّة، وهُم يعرفون البلد كالأوكرانيّين لناحية التّعاطي والتحرّك، واللّبنانيّون “الجدد” والطلّاب، الّذين يعيشون في أوكرانيا منذ فترة وجيزة”.
ولفت إلى أنّه “بالنّسبة للطلّاب، بخاصّة الجدد منهم، فهم يعيشون حالة هلع وضياع، ويواجه كثيرون صعوبةً في التّواصل والتّعامل، إذ لا يفقهون التحدّث باللّغتين الأوكرانيّة أو الرّوسيّة، بل بالإنكليزيّة؛ كما أنّهم لا يمتلكون الخبرة اللّازمة للتّعامل مع هكذا ظرف”، معلنًا “أنّنا كجالية، أبلغناهم أن يكونوا متجمّعين في نقاط محدّدة، ليصبح التّعاطي معهم على صعيد مجموعة وليس فرديًّا، في حال حصول مستجدّات طارئة”.
وذكر شريم أنّ “عدد أبناء الجالية هو بحدود 4400 أو 4500 شخص، من ضمنهم أكثر من 1200 طالب يتواجدون في المدن الكبرى”، كاشفًا أنّ “150 شخصًا فقط غادروا أوكرانيا إلى لبنان، لأنّ السّفارة اللّبنانيّة أعلنت أنّ نفقات العودة هي على عاتق المسافر”. وأفاد بأنّ “الرّاغبين بالمغادرة لا يقلّ عددهم عن 500 إلى 600 فرد”.
وأشار إلى أنّ “السّفارة اللّبنانيّة في كييف عمّمت رقمين للتّواصل معها، إلّا أنّ لا أحد يجيب على الاتّصالات منذ الخامسة صباحًا، ما خلق امتعاضًا لدى أبناء الجالية، الّذين يتواصلون معي هاتفيًّا من ذلك الحين، للاستفسار أو التّنسيق”، مبيّنًا أنّ “ما استطعنا فعله هو التّواصل مع الطلّاب، ووضعهم في مجموعات لتسهيل التّواصل معهم، بالإضافة إلى تعميم بعض الإجراءات في حال حصول إجلاء”.

من جهته، أكّد طالب لبنانيّ، فضّل عدم الكشف عن هويّته، لـ “هنا لبنان”، أنّ “الوضع سيّئ جدًّا وخطر، وهناك ضياع وحالات نزوح من المناطق الحدوديّة أو الّتي تتعرّض أكثر من غيرها للقصف، إلى المدن الكبرى أو تلك الّتي يسودها هدوء نسبي”.
ولفت إلى “أنّنا سمعنا أنّ هناك طرقات نستطيع من خلالها الوصول إلى بولندا، ومنها إلى لبنان، لكن لا إمكانيّة لأحد منّا على القيام بهكذا خطوة، أوّلًا بسبب الأعمال العسكريّة والمخاطرة الكبيرة في هذا الصّدد، وثانيًا لأنّنا استخدمنا القسم الأكبر من الأموال الّتي بحوزتنا للتموّن وتخزين الطّعام والمواد الأساسيّة”. وشدّد على أنّ “أيّ جهة رسميّة لم تتواصل معنا، ونحن لوحدنا علمنا أنّ علينا تخزين حاجاتنا والاختباء، ورأينا أنّ هناك تجمّعات تحصل داخل أنفاق “المترو”، فاعتبرناه تلقائيًّا ملجأنا الوحيد”.

لم يعرف اللّبنانيّون الهاربون من الجحيم في وطنهم الأم، للدّراسة أو العمل، أنّهم سيواجهون جحيمًا أكثر خطورةً ودمويّةً في البلد الّذي “هجّوا” إليه، نتيجة سياسات وحسابات لا دخل لهم بها. كما لم يعلموا أنّ السّلطات اللّبنانيّة الّتي أجبرتهم ممارساتها على مغادرة بلدهم، ستتركهم لمصيرهم أيضًا في بلد الاغتراب، ولو تستّرت ببضعة إجراءات شكليّة غير كافية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us