الاتصالات والإنترنت سيصبحان حكراً على الميسورين!


أخبار بارزة, خاص 4 آذار, 2022

كتب أنطوني الغبيرة لـ “هنا لبنان”:

الانهيار الاقتصادي اللّبنانيّ الذي يترافق مع زيادة العجز والدين العام، جعل الحكومة الحاليّة تتّبع إجراءات للتخفيف من حدّة النفقات التي تزداد يوماً تلو الآخر، في ظلّ عدم استقرار سعر صرف الدولار. ومن الأرقام المهولة التي شهدناها من خلال الموازنة الجديدة، أسعار بطاقات الإتصالات والإنترنت التي سترتفع أضعاف ما هي عليه اليوم؛ وستغيّر معادلات بأكملها.

بعد وباء كورونا وخلال التعبئة العامة أصبح العمل من المنزل أمراً مسلّماً به. والتعليم عن بعد ما زال مُعتمدًا في بعض المدارس وأغلب الجامعات. لذا نحن اليوم أمام كارثةٍ ستُرخي بظلالها على جيب المواطن اللّبناني. ومن القطاعات التي ستتأثّر بشكل مُباشر قطاع المعلوماتيّة والتكنولوجيا؛ فما موقف النقابة من موضوع زيادة تكلفة الإتصالات والإنترنت، وما هي الخطوات التي تتّبعها النقابة؟

تواصل “هنا لبنان” مع نقيب العاملين في قطاع المعلوماتيّة والتكنولوجيا “جورج خويري” الّذي أشار إلى انضمام أكثر من 5000 منتسب اليوم إلى النقابة، وهم خرّيجي قطاع المعلوماتية والتكنولوجيا بالإضافة إلى الأفراد المُستحصلين على إفادات منCISCO أوMICROSOFT أو ما يعادلهما، والعاملين الّذين يستحصلون على إفادات لا تقلّ عن 3 سنواتٍ عمل في هذا القطاع.

استهلّ “خويري” حديثه بطرح عدّة أسئلة على الجهات المعنيّة بسبب التكلفة المُرتفعة التي سيشهدها قطاعا الإتصالات والإنترنت؛ فتساءل عن الجهات المتخصصة، التي تمّت استشارتها قبل أخذ قرار بهذه الأهميّة، فعلى أي أساس يتم اتّخاذ قرار كهذا في ظلّ غياب الخبراء والإختصاصيّين من القطاعين العام والخاص!

وجود أكثر من شركة اتصالات في أي بلد يخلق مُنافسة بالأسعار والخدمات ممّا ينعكس إيجاباً على المواطن ويستطيع اختيار الأفضل، غير أن أسعار الخدمة في شركتي ALFA و TOUCHمُحدّدة من قبل الدولة اللّبنانيّة فلا يوجد فرق ملحوظ بين أسعارهما وبالتالي لا وجود مُنافسة.

من هُنا اعتبر “خويري” قبل الإعلان عن التكلفة الجديدة وإيجاد حلّ على حساب المواطن، أنّ على الدولة تخفيض مصاريفها وتخفيف الهدر العام من خلال دمج الشركتان بشركةٍ واحدة طالما الخدمة ستبقى نفسها وأصول المُنافسة غير موجودة.

أمّا بالنسبة للإنترنت، اعتبر النقيب أنّ قطاع الإنترنت في لبنان يُعتبر من أغلى قطاعات الإنترنت بالعالم، فقبل الأزمة الاقتصاديّة في العام 2019 كانت تصل فاتورة المواطن اللّبنانيّ إلى أكثر من 30 دولاراً شهرياً، الأمر الذي كان غير منطقيّ. وبما أنّ قطاع المعلوماتيّة والتكنولوجيا يتطوّر كلّ 6 أشهر، كان من المُفترض أن تُحسم نسبة معيّنة من التكلفة قبل الأزمة خاصةً لإعادة الإستثمار وتطوير هذا القطاع.

أشار “خويري” أنّه لدينا اليوم في لبنان استثمارات عربيّة من شركات سعوديّة وقطريّة وعراقيّة … لأنّ التكلفة أصبحت اليوم بالنسبة لهم رخيصة مقارنةً بالدولار، فلا يمكننا رفع الأسعار بشكل جنوني وغير منطقيّ لعدم خسارة الاستثمارات، فزيادة التعرفة عليها أن تترافق مع زيادة الخدمة والجودة.

رغم احترامه للوزير والجهات المعنيّة اعتبر “خويري” أن خدمة تشريج واتساب إنترنت بتكلفة 4 أو 5 دولارات يستفيد منها الأجانب في لبنان وليست سوى إبرة مورفين، كونه لا يمكن إستخدام هذه الخدمة لإنجاز عمل.

ولأنّ حقّ الوصول إلى المعلومات أمر دستوري وشرعيّ، يطالب “جورج خويري” وزير الإتصالات والشركات المسؤولة والجهات المعنيّة، إبراز ميزانيّة شركتَي الخليوي للعلن. هذا يظهر قيمة المبالغ المدفوعة للخارج كتكلفة إنترنت بالإضافة إلى كلفة الصيانة وتكلفتها على الأفراد المستفيدين.

صرخة “خويري” هي صرخة كلّ عامل وصاحب شركة يعتمد اليوم على الإنترنت لإتمام عمله. فبالنسبة لنقيب المعلوماتيّة والتكنولوجيا، القطاع اليوم يحتاج إلى جودة عالية لكي يستمرّ، فبالرغم من اعتماد 5 حسابات إنترنت ودفع أكثر من مليون ليرة شهرياً كتكلفة للتشريج، لا يستطيع الفرد إتمام عمله بسبب ضعف الشبكة. المشكلة الأكبر أنّه ومع الموازنة الجديدة قد تتحوّل التكلفة من مليون ليرة إلى خمسة وستّة ملايين، أي أنّ الفرد الّذي يربح 700$ قد يصل إلى دفع نصف أرباحه قيمة تكاليف الإنترنت. من هنا لا نريد أن يهاجر ما تبقى من شبابنا، بعد أن يصبح عاطلًا عن العمل.

ومن الخطوات التصعيديّة التي بدأت بها النقابة، الإجتماع الذي عقد الاثنين الماضي بين نقيب العاملين في قطاع المعلوماتيّة والتكنولوجيا “جورج خويري” ورئيس جمعية المعلوماتيّة المهنيّة في لبنان PCAالأستاذ “كميل مكرزل” مع مدير عام أوجيرو الأستاذ “عماد كريديّة” كون أوجيرو هي موزّع الإنترنت للشركات الخاصة، بالإضافة إلى كونها المسؤولة عن سنترالات الخطوط الأرضيّة. وسيتمّ الإجتماع أيضاً مع الوزير “جوني القرم”، وفي حال كان من الضروريّ الإجتماع مع المدراء العامّين في TOUCH و ALFAسيكون الإجتماع معهم بحسب “خويري”، وذلك لمعرفة الأسس والحيثيات التي على أساسها اتّخذ قرار رفع التعرفة.

وبعد الإجتماعات ستعقد النقابة مؤتمرًا صحفيًّا تصعيديًّا مدعوةّ إليه جميع الجهات المعنيّة لمحاورتها علنياً، فلا أهداف سياسيّة وانتخابيّة وراء مطالب النقابة، بل هناك المخاوف من انهيار القطاع. المطلوب جمع شركتي الإتصالات بشركة واحدة، تخفيف النفقات، وزيادة التكلفة بشكل منطقيّ موازٍ للجودة.

صرخة نقيب المعلوماتيّة والتكنولوجيا اليوم هي صرخة كلّ مواطن يعيش في لبنان. أبسط حقوقنا تسلبها الدولة منّا يوماً تلو الآخر ونحن راضين شبه مستسلمين. مع زيادة التكلفة على الإتصالات والإنترنت نطوي بلبنان صفحة من دفتر انفتاحنا ونشر ثقافتنا للعالم وبذلك نطوي شبّاك الرفاهيّة الوحيد المتبقي للطبقة الفقيرة. فلن يعود باستطاعة الجميع استخدام مواقع التواصل الإجتماعي، وبالتالي الحريّة والتعبير عن الرأي سيكونان مخصصيْن لطبقة معيّنة من المجتمع. زيادة 6 دولارات على واتساب كانت كفيلة بإشعال فتيلة ثورة الشعب في 17 تشرين الأول 2019؛ فهل مع إقرار الموازنة، سيكون غلاء تكلفة الإنترنت مُشعلاً لفتيل الثورة مرّة جديدة؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us