“ما في دولارات للقمح”… الأمن الغذائي أمام كارثة حقيقية وهذه هي الحلول!


أخبار بارزة, خاص 12 آذار, 2022

كتب طوني عطية لـ “هنا لبنان”:

“ناطرين النيزك”، لعلّها الجملة الأشهر على لسان اللبنانيين، في تعبيرهم عن سخريتهم المخبوزة بمعاناتهم وسخطهم، جرّاء الويلات التي هبطت عليهم تباعاً في أسوأ أيام حياتهم، من انهيار عملتهم ومعيشتهم ووظائفهم، إلى جائحة كورونا وانفجار المرفأ وحرائق غاباتهم، وصولاً إلى الحرب الروسية على أوكرانيا التي تشكّل “سلّة القمح” لأوروبا والعديد من البلدان، ومنها لبنان، فأرخت بظلالها على رغيف مواطنيه وخبزهم اليومي المهدّد بالانقراض، في دولةٍ لا تملك أي صمام أمانٍ واحتياطاتٍ وخططٍ بديلةٍ، في مواجهة الأزمات الكبيرة منها والصغيرة وحتى البديهية، في إدارة الأوطان والشعوب وحفظ كرامتهم بحدودها الدنيا.

فكيف سيواجه اللبنانيون أزمة الغذاء المهدّد عالمياً في ظلّ ارتفاع الأسعار دولياً وشحّ الدولارات داخلياً؟

يرى الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة في اتصالٍ مع “هنا لبنان”، “أن الصراع الأممي الذي يشهده العالم اليوم على القمح، الذي يعدّ من أهم عناصر الأمن الغذائي، سيؤدي حكماً إلى ارتفاع الأسعار دولياً، ما يعود بالضرر الأكبر على الدول الفقيرة، كحال لبنان الذي اعتمد في سياساته المزمنة على استيراد القمح بدل إنتاجه محليّاً”، متسائلاً: “هل لدى لبنان القدرة المالية لشراء السلع الغذائية الضرورية؟”

يجيب عجاقة قائلاً: “لا دولارات كافية لاستيراد القمح، وأي حديث آخر هو تحوير الأنظار عن المشكلة الأساسية، ومع عدم القدرة على تلبية الطلب الكثير على الدولارات، لجأ التجار نتيجة ارتفاع الأسعار عالمياً من جهة، وزيادة طلبهم على الدولار من جهة أخرى، إلى السوق السوداء ما أدّى إلى تجاوز سعر الصرف 22 ألف ليرة”.

يضيف: “نحن أمام مشكلة وجودية، بسبب طريقة تعامل الدولة اللبنانية مع صندوق النقد الدولي، ما يشير إلى أن الاتفاق لن يبصر النور قريباً، وأن الأزمة تأخذ مساراً كارثياً، ما لم تلجأ الدولة إلى الحلول الداخلية المستدامة، إضافة إلى الدعم الخارجي المشروط بالإصلاحات اللازمة”.

وفي إيجاد مصادر أخرى لتغطية السوق اللبناني بالقمح الخارجي، أوضح أن نسبة استيرادنا من أوكرانيا تبلغ 60% ومن روسيا 12% وذلك حسب أرقام “مركز التجارة الدولية (ITC)”، خلافاً للأرقام التي تحدّث عنها مدير عام وزارة الإقتصاد محمد أبو حيدر، أن لبنان يستورد 81% من القمح الأوكراني، و14% من الروسي، ثم أن الاعتماد على الأسواق الأخرى المُصدّرة للقمح كرومانيا وهنغاريا وفرنسا وصولاً إلى الهند والولايات المتحدة الأميركية، يرى عجاقة أن كلفة الشحن ستكون باهظة نظراً لبعد المسافة، وما في معنا دولارات كافية”.

وعن الحلول المقترحة، تحدّث البروفيسور عجاقة عن ضرورة “استعادة الأملاك النهرية المصادرة من قبل أصحاب النفوذ، والتي تقدّر بحدود الـ 25 مليون متر مربع! بعد أن قامت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني عام 2019، باستعادة 3 ملايين متر مربع فقط عبر القضاء، وقامت بزراعة حوالي 150 هكتاراً من الأملاك المُستعادة من مصادريها، بالقمح. وأنتجت في العام 2020 أكثر من 260 طنّاً من القمح، ورفض التجّار وقتها شراءه بحجّة أنه لا يصلح للخبز، وقامت باستيراد القمح المدعوم من الدولة”، أما الفضيحة حسب عجاقة، أن “بعض التجار قام بشراء هذا القمح (الذي لا يجوز استعماله للخبز حسب رأي التجار والجهات الرسمية)، وبيعه للدولة اللبنانية”.

وعن عدم جدوى القمح الصلب المحلي وضرورة الاستيراد من الخارج، ختم عجاقة كلامه، بأننا “أمام هذه الأزمة الكبيرة حيث الوقت يداهم رزق اللبنانيين ويهدّد أمنهم الغذائي، من سيهتم إذا كان القمح صلباً أم طريّاً، مذكّراً اللبنانيين بما كان يزرعه معظم أهالي القرى من القمح المحلي واستعماله للطحين والبرغل وغيره من المواد الأساسية التي اعتمدوا عليها طوال سنين حياتهم، مشيراً إلى أن سهول لبنان قادرة على تأمين السوق المحلي بشكل تدريجي وصولاً إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي بعد أكثر من سنة، إذا أقدمت السلطة اللبنانية على اعتماد سياسات تنموية مستدامة بدل الإعتماد على سياسات قصيرة النظر وغير مجدية لتحديات هذا الزمن”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us