شهادة التّعليم المهني للمقتدرين فقط؟!


أخبار بارزة, خاص 24 آذار, 2022

كتب إيلي صرّوف لـ “هنا لبنان”:

ليس خافيًا على أحدٍ أنّ إهمال الدّولة للمؤسّسات والقطاعات كافّة وتنصُّل الكثير من الوزارات من مسؤوليّاتها، فاق حدود المنطق، رغم كلّ الأحاديث والاجتماعات الصُّوريّة الّتي تزعم بأنّ التّحسين والتّطوير هما جزءٌ من خطّةٍ شاملةٍ سيبدأ العمل بها قريبًا؛ إلّا أنّ الوضع في الواقع يزداد سوءًا. وقطاع التّعليم المهني والتّقني من بين القطاعات المنسيّة والمهمَلة، الّتي تكافح للبقاء والاستمراريّة وتأمين حاجاتها، والّتي لا تحتمل أيّ قرارٍ عشوائيٍّ يُفرغ جيوب الطلّاب ويطعن بخاصرة مستقبلهم.

شكّل قرار المديريّة العامّة للتّعليم المهني والتّقني، الموقَّع من وزير التّربية والتّعليم العالي عبّاس الحلبي، بمضاعفة رسوم التّرشيح للامتحانات الرّسميّة للعام الدّراسي 2021- 2022، بنحو 7 مرّات، صدمةً للطّلاب المرشّحين وأهاليهم والكادر التّعليمي المهني، في ظلّ أزمةٍ اقتصاديّةٍ ومعيشيّةٍ طاحنةٍ تعصف بلبنان، ولجوء قسمٍ كبيرٍ من ذوي الدّخل المحدود إلى التّعليم المهني والتّقني، كبديلٍ عن التّعليم الجامعي المرتفع الكلفة. هذا على الرّغم من أنّ رسوم التّرشيح للامتحانات الرّسميّة في التّعليم الأكاديمي بقيت على حالها.

وبناءً على “التّسعيرة” الجديدة، ارتفع رسم التّرشيح لشهادة التكميليّة المهنيّة (BP) من 50 ألف ليرة لبنانيّة إلى 300 ألف ليرة، ووصل رسم التّرشيح للبكالوريا الفنيّة (BT) والثّانويّة المهنيّة (DS) إلى 400 ألف ليرة، فيما أضحى الرّسم المخصّص لشهادتَي الامتياز الفنّي (TS) والمشرف المهني (MS) 500 ألف ليرة، وزادت الرسوم للإجازة الفنّيّة (LT) من 85 إلى 600 ألف ليرة.

احتجاجًا على هذا الواقع المستجدّ، اعتصم طلّاب التّعليم المهني في عدد من المناطق اللّبنانيّة، مطالبين الحلبي بالتّراجع عن قراره، ومندّدين بـ “سياسة الحكومة الّتي تجوّع النّاس بدل مساندتهم”؛ كما لفتوا إلى أنّ “التّصعيد قائم في كلّ المناطق لإلغاء القرار، إذ لا يمكن أن يكون رسم طلب الترشّح أضعاف رسم التّسجيل”.

وسط هذه البلبلة، شرحت المديرة العامّة للتّعليم المهني والتّقني هنادي برّي، في حديث لـ “هنا لبنان”، “أنّنا أصبحنا أمام أمرٍ واقعٍ، مفاده بأنّنا لكي نتمكّن من إجراء امتحانات رسميّة، يجب أن نرفع رسوم التّرشيح. “ما عاد معنا مصاري، ما عنّا وراق، ما عنّا شي، فالعام الماضي استهلكنا كلّ ما لدينا، وهذا هو المصدر الوحيد الّذي نستخدمه لإجراء الامتحانات الرسميّة”، مؤكّدةً أنّ “لا حلّ آخر لدينا”.

وعن اقتصار رفع رسوم التّرشيح على طلّاب التّعليم المهني والتّقني، أوضحت أنّ “الرّفع سيطال أيضًا التّعليم الأكاديمي، لكنّ الفرق أنّ عمليّة رفع الرّسوم في التّعليم الأكاديمي تحتاج إلى مرسوم يجري العمل عليه، أمّا في التّعليم المهني والتّقني فهي تحتاج إلى قرار وزير، ولذلك كنّا السبّاقين”.

وعن إمكانيّة التّراجع عن القرار، بظلّ الاحتجاجات الطّلابيّة، أشارت برّي إلى أنّ “لا حلّ أمام وزارة التّربية والتّعليم العالي إلّا باتّخاذ قرار زيادة الرّسوم، وهي وحدها المعنيّة بالتّراجع عنه”، مشدّدةً على أنّ “الهدف من هذا القرار المتّخَذ هو تأمين العام الدّراسي وإكماله وإجراء الامتحانات، بظلّ الوضع الاقتصادي والمادّي الحالي”.

إذًا، لم تجد الدّولة مجدّدًا مصدرًا لتمويل الاستحقاقات الرّسميّة، إلّا جيوب المواطنين، وكأنّ هناك إصرارًا أو خطّةً ممنهجةً لمفاقمة مشاكلهم وضرب كلّ القطاعات. وها هي اليوم، بدل أن تدعم التّعليم المهني والتّقني، الّذي يستقطب آلاف الطلّاب ويشكّل رافعةً للاقتصاد اللّبناني المتهالك، تضرب طلّابه المرشّحين للامتحانات الرسميّة بقرارات تفوق قدرة الكثيرين منهم على تحمّلها. فهل القطاع المهني بخطر؟ وهل باتت شهادة التّعليم المهني للمقتدرين فقط؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us