إبادةٌ جماعيّةٌ بحقّ مرضى السّرطان والسّياسيّون “عايشين بعالم تاني”!


أخبار بارزة, خاص, مباشر 14 نيسان, 2022

كتب إيلي صرّوف لـ “هنا لبنان”:

تتفنّن السّلطةُ الحاكمةُ بالرّقص على أوجاع المواطنين وقهرهم، غير آبهةٍ بكلّ صرخات الألم والاستغاثة الّتي تغزو الوسائل الإعلاميّة ومواقع التّواصل الاجتماعي. وبعدما طال إجرامُها العمّال والمعلّمين والطلّاب، وصل إلى مرضى السّرطان، الّذين باتوا حرفيًّا يشحذون الدّواء ليساعدهم في معركتهم الصّعبة.
لا يُخفى على أحدٍ أنّ الوضع الدّوائيّ في لبنان خطر، إنّ لم نقل إنّه وصل إلى مرحلة الانهيار، نتيجة فقدان الكثير من الأدوية إثر العقبات الّتي تعترض طريق الاستيراد، بالإضافة إلى استمرار معضلتَي التّخزين والتّهريب، والتهاب أسعار الكثير من الأدوية المستورَدة. وحتّى الخطّ الأحمر المتمثّل بأدوية الأمراض المزمنة والمستعصية، تمّ المسّ به، لدرجة أنّ حياة الكثيرين باتت مهدّدة.
في هذا الإطار، أكّد رئيس لجنة الصحّة والعمل والشّؤون الاجتماعيّة النّيابيّة النّائب عاصم عراجي، في حديث لـ “هنا لبنان”، أنّ “الوضع الّذي وصلنا إليه بالنّسبة إلى الأمراض المستعصية والسّرطانيّة سيّئ، والكثير من المرضى لا يجدون أدويتهم وآخرون يتأخّرون في الحصول عليها”.
وأوضح أنّ “المشكلة أنّهم كانوا يدفعون 120 مليون دولار لدعم الأدوية شهريًّا، وبرأيي أنّ هذا الرّقم مبالَغ به، ومن ثمّ خفّضوا المبلغ المخصّص للدّعم إلى 35 مليون دولار، 25 مليونًا منها لأدوية الأمراض المزمنة والمستعصية و10 ملايين للمستلزمات الطّبيّة وحليب الأطفال واللّقاحات”.
وذكر عراجي “أنّني اعترضت على هذا القرار وقلت إنّ المبلغ غير كافٍ، لكنّ الجهة المعنيّة اضطرّت للقبول به”، مبيّنًا “أنّنا في لجنة الصحّة النّيابيّة أعربنا عن رفضنا للقرار، وزرنا رئيس الوزراء نجيب ميقاتي وأكّدنا له أنّ المبلغ غير كافٍ، لكنّه أوضح لنا أنّه لا يمكن دعم الأدوية والمستلزمات بأكثر من 35 مليون دولار”.
كما فسّر أنّه “إذا كانوا في السّابق يؤمّنون الأدوية لمئة مريض على سبيل المثال، فالـ 25 مليون دولار المخصّصة للأدوية لا تكفي الآن لـ 50 مريضًا، وبالتّالي أرى أنّه يجب زيادة هذا المبلغ أقلّه إلى حدود 50 مليون دولار”.
وركّز عراجي على أنّ “الشّركات المستوردة للدّواء تقول إنّها تطلب الأدوية من الخارج في وقت متأخّر، لأنّ الموافقات تأتيها متأخّرة؛ والضحيّة لكلّ ما يحصل هو المريض”، متسائلًا: “هل يعقل ألّا يكون هناك “مورفين” لتسكين آلام المرضى، وليس حتّى للعلاج؟”
إلى ذلك، شدّد على “أنّنا نرفع الصّوت ونصرخ مرارًا، لكنّ الوسط السّياسيّ مشغول بمن سيأخذ مقاعد نيابيّة أكثر من الآخر، ومن سيتحالف مع من في هذه الدّائرة أو تلك! “بتحسّ إنهم عايشين بعالم تاني”. وأشار إلى “أنّني حزين جدًّا بسبب الوضع الّذي وصلنا إليه، فالمرحلة صعبة جدًّا، وأنا كطبيب أعرف كم يتألّم مريض السّرطان عندما يكون المرض منتشرًا في جسده وينخر عظامه”.
وسط هذا السّواد الدّامس، برز ضوء تمثّل بإقرار مجلس النوّاب في 29 آذار الماضي، اقتراح القانون الرّامي إلى دعم صناعة الأدوية المنتَجة محليًّا، وقد وقّعه رئيس الجمهوريّة ميشال عون أوّل أمس الثّلاثاء. ولفت رئيس لجنة الصحّة إلى أنّ “القانون يقضي بعدم دعم الأدوية المستورَدة من الخارج المنافِسة للأدوية المصنَّعة في لبنان، وهذا يوفّر ما بين 5 و7 ملايين دولار، ستُستخدم لشراء المزيد من أدوية الأمراض السّرطانيّة؛ لكنّ القانون بحاجة إلى مراسيم تنظيميّة”.
وعمّا إذا كان تصنيع أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية محليًّا، من الممكن أن يحلّ الجزء الأكبر من المشكلة، أكّد أنّ “صناعة الأدوية السّرطانيّة والمستعصية بحاجة إلى وقت، ولا يتمّ الأمر بين ليلةٍ وضحاها، والوقت الآن هو لتأمين الأدوية للمرضى، فبعض الأشخاص يتأخّرون بأخذ العلاج وينتكسون مجدّدًا”. ووَجد أنّه “إذا لم يحصل دعم خارجي لتأمين الأدوية للمرضى، فأرى أنّ من الصّعب في القريب العاجل أن يتمّ حلّ المشكلة”.
لم يعرف مرضى السّرطان مَن هو أَلعن، المرض الّذي يفتكُ بهم، أم الّذين يحرمونهم من الدّواء أو أقلّه لا يقومون باللّازم لتأمينه، فيشاركون بالإبادة الجماعيّة المرتكَبة بحقّهم. وعلى الرّغم من الوعود الّتي يسمعونها مرارًا بأنّ أزمة فقدان الدّواء ستُحلّ، إلّا أنّهم لا يزالون يحملون آلامهم ودموعهم ويسيرون جلجلة البحث عن أدويتهم.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us