بوصلة خيارات جنبلاط: تسوية أو مواجهة؟


أخبار بارزة, خاص 8 حزيران, 2022

كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان”:

“ليست التسوية في السياسة بعيب”. تتكرر هذه المقولة لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط عند كل مفصل، ولا تبقى شعاراً لأنه ينخرط حتى العظم في أساساتها، يتحرك، يتصل، يجاهر ويمتعض ما لم يجد من يسمعه. هكذا حصل في مناسبات عدة. ولكن على الرغم من ذلك، ظل محتفظاً بهامش التصويب على فريقي التيار الوطني الحر وحزب الله.

ومع شنّه لحملات عنيفة على هذين الفريقين بالتحديد، كان يعلن في اليوم التالي أن لا مناص من التسوية.

ليس هناك أفضل من وليد بك في إطلاق السهام المعادية، وليس هناك أفضل منه في ترتيب علاقاته مع الخصوم والحلفاء عند الضرورة. ويمكن إطلاق عدة تسميات على ما يقوم به: استشراف المرحلة أو المواجهة أو المشاركة أو غير ذلك، إنما تبقى عبارة التسوية تلازمه.

ومؤخراً غرد رئيس الحزب الاشتراكي داعياً إلى صياغة برنامج مشترك يتجاوز التناقضات الثانوية من أجل مواجهة جبهة الثامن من آذار السورية الإيرانية التي، للتذكير، وفق قوله ستنتقم لهزيمتها في الانتخابات بكل الوسائل ولن ترحم أحدًا.

من يسمع هذا الكلام يتبادر إلى ذهنه أن لا مكان للتسوية مع هذه الجبهة وإن مواجهتها ضرورة لأنها على حد تأكيد جنبلاط ستنتقم، في حين أن صياغة برنامج مشترك يتجاوز التناقضات لهذه الغاية يحتم السؤال عن هوية المشاركين في البرنامج: القوى السيادية؟ أم قوى التغيير؟ أم الحلفاء أم غيرهم؟

بالطبع لم يحدد زعيم المختارة هذا الأمر، لكن المنطق يقول أن جميع هذه القوى مدعوة لذلك ولا سيما من يتشاركون الهواجس نفسها. فهل تجري الرياح بما لا يشتهي وليد بك؟

ترى مصادر سياسية مطلعة عبر “هنا لبنان” إن طرح جنبلاط موجه إلى القوى التي تحمل لواء محاربة حزب الله وسلاحه والتيار الوطني الحر الذي قدم صورة فاشلة في أدائه السياسي والوزاري، مشيرة إلى أنه حتى الساعة لا يزال موقفه يتفاعل وينتظر ردود الفعل وبالتالي ليس معروفاً ما إذا كانت جميع القوى بمن فيها القوى التغييرية ستندفع إلى صياغة البرنامج الموحد أو المشترك.

وتؤكد هنا أنه لا يزال من المبكر بلورة الصورة لا سيما بالنسبة إلى الملف الحكومي تكليفاً وتأليفاً.

وتعرب المصادر نفسها عن اعتقادها أنه حين يصبح هذا الملف وشيكاً سيتدخل زعيم المختارة ويقدم رأيه، ولن يكون بعيداً عن المشاركة أو تسهيل التأليف طالما أنه من أبرز الداعين إلى التسوية، ومن الطبيعي أن يشارك في حكومة تضم جبهة الثامن من آذار.

وتشير إلى أنه ليس مستبعداً صدور أكثر من تغريدة أو موقف لجنبلاط في الفترة المقبلة لا سيما عندما تقترب الاستحقاقات الكبرى من مواعيدها وعندها تتظهر الصورة أكثر فأكثر في ما خص تنسيق المواقف بين القوى المعارضة لقوى ٨ آذار، مع العلم أن معارضة فريق لملف أو قرار تختلف عن معارضة فريق آخر.

إلى ذلك يقول عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب الدكتور بلال عبدالله لـ “هنا لبنان” إن ما من تعارض بين موقف زعيم الاشتراكي حول التسوية وبين موقفه من مواجهة جبهة الثامن من آذار، معتبراً أن هناك ضرورة لقيام حد أدنى من التنسيق بين القوى السيادية للوقوف بوجه هذه الجبهة بقيادة حزب الله وحلفائه.

ويرى النائب عبدالله أن التشتت بين القوى السيادية من شأنه إبقاء القرار في محور معين، في حين أن التسوية التي يدعو إليها جنبلاط تعالج الانهيارات وهي أي التسوية مرتبطة بالملفات الساخنة.

ويقول: هناك ثوابت وطنية وسيادية كبرى لا تسوية عليها، إنما ثمة ملفات داخلية تستدعي هذه التسوية، إذ لا يمكن إلّا أن تقوم مبادرة في إطار عملية المعالجة. وهذا ما يركز عليه جنبلاط. ويوضح أن هناك استمراراً في المواجهة إنما من دون تعريض الأمن الداخلي إلى أي خطر.

وعن فصل العلاقة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري عن الوقوف ضد جبهة الثامن من آذار التي ينتمي إليها بري، يؤكد النائب عبدالله أن هناك علاقة مميزة مع الرئيس بري لما يمثل من قامة وطنية تساهم في معالجة الأزمات وإن كتلة اللقاء الديمقراطي صوتت له، لكن هناك ملفات لم يكن فيها اللقاء على نفس الموجة مع الرئيس بري وحركة أمل.

في المقابل، ترى مصادر في قوى الثامن من آذار أنه يحق للوزير السابق جنبلاط أن يقول ما لديه، وليس مستغرباً أن يطالب ببرنامج للمواجهة، وتسأل: هل سيواجه حزب الله والتيار الوطني الحر فقط أم حركة أمل أيضاً التي هي في صميم هذه الجبهة، مشيرة إلى أنه عندما تكون مصلحته في الحوار مع هذه الجبهة يتحاور معها وعندما تغيب المصلحة يطلب المواجهة، كما أنه يعرف تماماً كيفية شد عصب جمهوره والجماهير المعارضة لـ ٨ آذار.

في المحصلة، تكلم زعيم المختارة وينتظر التجاوب مع موقفه.. لكنه سيجد نفسه في مكان ما مكرراً ما قاله سابقاً بأن التسوية فوق كل اعتبار…إلا إذا قرر استبدالها بالمواجهة انطلاقاً من إشارات داخلية وخارجية في البوصلة التي يعتمد عليها… وهنا يصلح القول: بعض الانتظار لا يسبب ضرراً.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us