“عقدة” جبران في التكليف “حلّها” عند السيّد؟


أخبار بارزة, خاص 20 حزيران, 2022

كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان” :

كل الضجيج الذي مارسه “التيار الوطني الحر” في الأسابيع الأخيرة، انتهى إلى “زوبعة في فنجان”. لمن يريد برهانًا لديه الكثير، وآخره، ما أطلقه رئيس “التيار” النائب جبران باسيل من مواقف في موضوع انتخابات رئاسة مجلس النواب ورفض التصويت للرئيس نبيه بري لولاية جديدة تجعله صاحب الرقم القياسي في شغل منصب رئاسي بدأ عام 1992 وسيستمر حتى سنة 2026. لكن كل الموقف الرافض لباسيل أصبح في خبر كان في الانتخابات التي جرت في 31 أيار. وكشفت المعطيات التي رافقت انتخاب بري، إن هذا الانتخاب ما كان ليتم، لولا تأييد “التيار” مهما كان عدد الأصوات التي منحها للحليف اللدود.
مناسبة الكلام اليوم، هو إجراء الاستشارات النيابية الملزمة هذا الأسبوع التي يتكرر فيها مشهد “التيار” في انتخابات رئاسة مجلس النواب، وقد حل مكان الرئيس بري رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي يرفض “التيار” تسميته مجدداً لرئاسة الحكومة العتيدة. وقد اقترن هذا الرفض بتداعيات آخر جلسة عقدتها حكومة ميقاتي قبل أن تتحوّل إلى حكومة تصريف الأعمال وذلك في 20 أيار الماضي. في تلك الجلسة رفض وزير الطاقة التابع لـ “التيار” الموافقة على مشروع معامل للكهرباء من دون أن يشمل ذلك معمل سلعاتا، بالرغم من موافقة سابقة من وزير “التيار”. هذا الرفض وضعه ميقاتي في خانة باسيل. وقد مضى ميقاتي قدماً في تصعيد الحملة ضد “التيار” محمّلاً إياه المسؤولية عن فشل ملف الكهرباء عموماً.
ما يجعل المواجهة بين الرئيس ميقاتي وتيار العهد السياسي ذات أبعاد محددة، هو أن الأخير يتصرف منذ الآن، على أساس أن الحكومة الجديدة ستتولى صلاحيات رئيس الجمهورية بعد 31 تشرين الأول المقبل، موعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، من دون انتخاب بديل عنه، أي تكرار تجربة حكومة الرئيس تمام سلام في آخر ولاية الرئيس ميشال سليمان عام 2014، وهي حكومة بقيت في المسؤولية حتى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية أي بعد أكثر من عامين وخمسة شهور من شغور موقع الرئاسة الأولى.
هل يكرر التاريخ نفسه في آخر شهور ولاية عون؟ أوساط متابعة تلفت الانتباه إلى أن الطرف الرئيسي الذي عمل على وصول عون إلى رئاسة الجمهورية، أي “حزب الله” يعيد تكرار السلوك نفسه مع مرحلة ما بعد عون، بما في ذلك تشكيل حكومة انتقالية. وهو في هذا السلوك يلتقي مع حليفه “التيار الوطني الحر”. لكن “روما من فوق غير روما من تحت”، كما يقال. فالظروف التي منحت الحزب ومن ورائه إيران النفوذ المؤثر قبل 6 أعوام، لم تعد قائمة لجهة مستوى نفوذ الحزب وراعيه الإقليمي راهناً. لهذا، يراعي الحزب وفق أوساط إعلامية قريبة منه، أن يكون خيار إعادة تسمية ميقاتي رئيساً مكلفاً خياراً رابحاً، وإلا فإنه سيغيّر موقفه كي لا يرتبط بقضية خاسرة. وتضيف هذه الأوساط، أن ما يقال عن تأييد الثنائي الشيعي، الحزب وحركة “أمل”، لإعادة تكليف ميقاتي ليس مؤكداً بالكامل، والأمر خاضع لمراجعة الحسابات التي لا يبدو أنها تصب في مصلحة ميقاتي بالمطلق، كما تقول معلومات خاصة، مع ظهور مواقف وازنة، مثل موقف “اللقاء الديمقراطي” المتحالف مع “القوات اللبنانية” لجهة ربط التكليف بالبرنامج الذي سيحدد مسبقاً موقف المرشح للتكليف من عناوين رئيسية أبرزها الموقف من دويلة “حزب الله” وعلاقات لبنان العربية.
خلافاً لما يجري تصويره من أن القضية محصورة على مستوى التكليف بنزاع ميقاتي- جبران، فإن واقع القضية أوسع نطاقاً. ولهذا بدأت تظهر ملامح مراجعة هذا النزاع بين حارة حريك وبعبدا، كي تتاح الفرصة أمام “حزب الله” لاستكشاف إمكانية إيجاد صيغة تعاون بين ميقاتي و”التيار”. فبالنسبة لميقاتي، تقول الأوساط الإعلامية القريبة من “حزب الله”، سيجد في تكليفه، إضافة لاضطلاعه بمسؤولية تصريف الأعمال ما يعزز من شرعية وضعه في الداخل والخارج. أما بالنسبة لـ “التيار”، وبحسب الأوساط نفسها، فيجد في التعايش مع وجود ميقاتي في السراي، أياً تكن صيغة هذا الوجود، أفضل الممكن بعد أفول نفوذ العهد على مستويات عدة، بما فيها النفوذ النيابي.
يعود متابعون إلى القراءة في كتاب الرئيس عون، فيجدون في سلوكه “براغماتية مفرطة”، كما حصل معه في جلسة انتخابه رئيساً للجمهورية في نهاية تشرين الأول عام 2016 عندما أخّر بري انتخاب عون أكثر من مرّة. ومن ثم عادت العلاقات بين الرئاستين الأولى والثانية ولا تزال إلى بازار العرض والطلب.
على هذه الطريق يمضي باسيل برعاية “حزب الله” الذي يتصرّف كأن هناك “عقدة” من رئيس “التيار” في التعامل مع تكليف ميقاتي. وفي الوقت المناسب الذي سيختاره الحزب، سيظهر “فجأة” أن الأمين العام حسن نصرالله قد تولى حلّها!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us