جديد انفجار مرفأ بيروت: الطرق تؤدي إلى دمشق والضاحية


أخبار بارزة, خاص 27 حزيران, 2022

كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:

الأنباء الواردة من لندن قبل أيام، حركت ركوداً ثقيلاً خيّم على التحقيق القضائي المتعلق بانفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020. فهل انفتحت الآن كوّة من أمل في جدار التعتيم السميك على هذه القضية الكبرى في تاريخ لبنان؟

الأنباء الواردة من بريطانيا، كما أوردتها “النهار” السبت الماضي، أفادت أن محكمة العدل العليا في لندن أصدرت قراراً مهماً في الدعوى المقدمة من مكتب الادعاء في نقابة المحامين في بيروت في ملف المرفأ، ألزمت بموجبه شركة “سافارو” الوسيطة بعملية بيع نيترات الأمونيوم وإدخالها إلى مرفأ بيروت، الإفصاح عن هوية مَن يتستر وراء شركة UBO صاحبة الحق الاقتصادي في الشركة. وأمهلت الأخيرة فترة محددة لتنفيذه. ويعدّ هذا القرار تطوراً مهماً تحرزه الدعوى على طريق جلاء التحقيق في ملف المرفأ.

وصدر القرار عن المحكمة البريطانية في 16 حزيران الجاري، وهو قرار إعدادي في الدعوى المقامة من مكتب الادعاء في نقابة بيروت باسمها وباسم بعض الضحايا ضد شركة “Savaro Ltd ” التي أدخلت حمولة نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت سنة 2013 على متن الباخرة روسوس.

إلى أين سيؤدي “الإفصاح عن هوية مَن يتستر وراء شركة UBO صاحبة الحق الاقتصادي في الشركة”، كما يدعو قرار المحكمة في لندن؟

الجواب على هذا السؤال سيعني الكشف عن السر الكبير الذي سيحدد الهدف من وراء إحضار نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت قبل 9 أعوام بدلاً من إرسالها إلى الموزمبيق، وهي الحجة التي جرى التذرع بها قبل أن تستقر شحنة الموت في مرفأ العاصمة اللبنانية.

في انتظار انقضاء المهلة المحددة التي حددتها محكمة لندن للإفصاح عن هوية مَن يتستر وراء شركة UBO صاحبة الحق الاقتصادي في الشركة، أماطت صحيفة كندية اللثام في آذار من العام الماضي عن معطيات تقدم أجوبة لا بد من أن المحكمة البريطانية ستصل إليها في نهاية المطاف. فقد نشرت الصحيفة وتدعى “ذا غلوب أند ميل” تحقيقاً أجراه كبير مراسيلها مارك ماكينونكبير حمل عنوان “أثر ورقي في انفجار بيروت يعود إلى عنوان لندن الذي تستخدمه الشركات الوهمية.” ومن أبرز ما ورد في تحقيق الصحيفة الكندية: “…يقول الخبراء أن عنوان (سافارو في لندن) كان يستخدم من قبل “شبكة” من الشركات الوهمية – بما في ذلك بعضها مرتبط بالكرملين، والبعض الآخر مرتبط بنظام الرئيس السوري بشار الأسد المدعوم من موسكو – التي أرادت مظهر الشرعية الذي يأتي مع عنوان لندن، بينما ذهبت أنشطتها التجارية الحقيقية دون تدقيق في أجزاء أخرى من العالم.

وحدد المحققون في لبنان وبريطانيا الآن شركة مدرجة في لندن تدعى سافارو المحدودة – التي كانت مرتبطة بثلاثة من رجال الأعمال الروس السوريين – التي استخدمت 13 شارع جون برنس كأحد عناوين الاتصال بها. ويظهر أثر ورقي فحصته صحيفة “غلوب آند ميل” أن سافارو كان آخر مالك لنيترات الأمونيوم، بعد أن اشترى المعدن من منتج للأسمدة في جمهورية جورجيا السوفيتية السابقة في تموز 2013.

ثم تم تحميل نيترات الأمونيوم على سفينة شحن متهالكة تم إخفاء ملكيتها، مثل ملكية سافارو، عمداً من خلال سلسلة من الشركات الوهمية. وعلى الرغم من أن الوجهة المعلنة للسفينة كانت الموزمبيق، إلا أنها توقفت بشكل طارئ في بيروت في تشرين الثاني 2013، حيث بقيت الشحنة المتقلبة حتى الانفجار”.

من هم رجال الأعمال الروس السوريون الثلاثة هؤلاء الذين أشارت إليهم الصحيفة الكندية؟

في 17 كانون الثاني 2021، أوردت وكالة رويترز تقريراً من 3 عواصم هي بيروت ولندن وموسكو جاء فيه: “كشف تقرير أعده صحفي لبناني وسجلات شركات في لندن أن الشركة التي اشترت شحنة نيترات الأمونيوم التي انفجرت في مرفأ بيروت في آب 2020 ربما كانت لها صلة برجلي أعمال سوريَّين يخضعان لعقوبات أميركية لعلاقتهما بالرئيس بشار الأسد. وبحسب التقرير الذي أعده منتج الأفلام الوثائقية فراس حاطوم وبثته قناة الجديد التلفزيونية اللبنانية، فإن عنوان شركة سافارو ليمتد – التي اشترت المواد الكيميائية عام 2013- في لندن كان هو العنوان نفسه لشركات مرتبطة برجلي الأعمال جورج حسواني وعماد خوري.

وفرضت واشنطن على كل من حسواني وعماد خوري وشقيقه مدلل خوري عقوبات لدعمهم الأسد في الحرب السورية. والثلاثة يحملون الجنسيتين السورية والروسية حسبما تظهر قائمة العقوبات الأميركية وقاعدة بيانات تجمع معلومات من مؤسسات رسمية روسية.

قبل نشر تقرير رويترز، أوردت مجلة “دير شبيغل” الألمانية تقريراً بالتعاون مع “مشروع الاستقصاء حول الجريمة المنظمة والفساد” مؤشرات جديدة مرتبطة بسفينة “روسوس” التي أوصلت 2750 طناً من نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت حيث خزّنت سنوات قبل أن تنفجر في الرابع من آب 2020.

تقول الرواية الأساسية: “إنّ السفينة تعود إلى رجل روسي يدعى إيغور غريشوشكين. وكانت الشحنة متوجّهة إلى شركة “مصنّع المتفجّرات الموزمبيقيّ”. وجد التقرير المشترك أنّ غريشوشكين لم يملك السفينة بل رجل الأعمال القبرصي شارالامبوس مانولي الذي احتفظ بعلاقات مع مصرف يستخدمه “حزب الله” في لبنان. ووجد التقرير أيضاً أنّ كمية ملحوظة من نيترات الأمونيوم اختفت قبل الانفجار.

تابع التقرير أنّ السلطات اللبنانية لم تبدُ على علم بأنّ مانولي كان المالك الحقيقي للسفينة. وفي جميع الأحوال، لم يظهر اسمه في أيّ من المراسلات الكثيرة. وبعكس المواطن الروسي الذي استأجر السفينة، كان لمانولي علاقات عمل في لبنان. أظهرت السجلّات أنّ مانولي أخذ قرضاً بـ 4 ملايين دولار سنة 2011 من بنك “أف بي أم إي” التنزاني لشراء سفينة أخرى.

لكنّ “أف بي أم إي” ليس أيّ بنك بحسب التقرير نفسه. وقد اتّهم المحققون الأميركيون تلك المؤسسة بتبييض الأموال لصالح “حزب الله”. وكان زبون آخر للبنك مشتبهاً في أنّه شركة واجهة سورية متورطة في برنامج الأسلحة الكيميائية في تلك البلاد. كان مانولي يدين بالمال لهذا البنك”.

بالعودة مجدداً إلى قرار المحكمة في لندن، شدد المحاميان نصري دياب وكميل أبو سليمان على أهمية هذا القرار الذي يعطي أملاً للضحايا قبل بضعة أسابيع من ذكرى انفجار 4 آب. ورأى نقيب المحامين ناضر كسبار أن العمل الدؤوب لمكتب الادعاء يشكّل ضمانةً للضحايا، على رغم كل العقبات والتأخير.

هل سيبزغ فجر الحقيقة في انفجار مرفأ بيروت؟ ما يمكن التأكيد عليه الآن هو: ما مات حق وراءه مطالب.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us