نقطة إضافية للعراق في مرمى لبنان


أخبار بارزة, خاص 24 آب, 2022

كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:

استكمالاً لقمة الرياض التاريخية، جمعت مصر الإمارات العربية المتحدة والأردن والبحرين والعراق في قمة العلمين بمحافظة مطروح بمصر، لمناقشة الأمن الإقليمي والتعاون المشترك والتكامل الصناعي، وفقاً لبيان عراقي، وستكون هذه القمة امتداداً للتعاون بين دول عربية وإقليمية، ما يسهل عليها تحمل نتائج الحرب الروسية على أوكرانيا، والنتائج الاقتصادية الكارثية على العالم كله، وعلى دول المنطقة الأكثر تأثراً بأزمة الغذاء والوقود، التي ستكون على جدول أعمال كل دولة على حدة كأقسى تحدٍّ يمكن أن يواجه، لا سيما بالنسبة لتوريد القمح، ولارتفاع أسعار الوقود.

لأكثر من مرة، نجح العراق في التفلت من القبضة الإيرانية التي تحاول رسم سياسته الخارجية وتشكيل سلطته الداخلية، فقد قطع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، خطوطاً حمراء كثيرة لم يكن بالإمكان تجاوزها، وكانت النتيجة، إجراء الانتخابات بنزاهة، كلفت حلفاء إيران انكشافاً عندما انقلبوا عليها، وها هم يحصدون مأزقاً هو الأخطر عليهم منذ العام 2003 وإلى اليوم. لأكثر من مرة أيضاً نجح العراق برئاسة الكاظمي بحجز مكانه الطبيعي على طاولة اللاعبين الإقليميين الكبار، فصورة العلم العراقي في قمة الرياض، ومشاركة رئيس الحكومة بوفد رسمي، تعطي الانطباع الصحيح، عن تخطي العراق حدود الزنزانة الضيقة التي نصبت له، وعن عودته إلى الساحة العربية، هذه العودة التي باتت تتوج برسم علاقات عراقية ثنائية مع أكثر من دولة عربية، بأجندة عراقية يتولى الكاظمي تنفيذها، وتتضمن صياغة اتفاقات اقتصادية وتحالفات ثنائية الفائدة، ومشاريع تعاون طموحة على صعيد إنتاج الكهرباء، وتبادل اتفاقات الطاقة، وآخر هذه المشاريع، مشروع مد أنبوب نفط عراقي عبر الأردن إلى مصر، هذا المشروع الذي سيكون محور نقاش في قمة العلمين.

في مشهد قمة العلمين، مقعد فارغ أو على الأصح أفرغ من لبنان الذي كان من المفترض يجلس على كرسيه، بين دول تربطه بها وربما أكثر من العراق، مصالح آنية ومستقبلية، تتصل بأزمته الاقتصادية الكبرى، ولهذا فإن أسئلة كثيرة تطرح عن سبب استطاعة الكاظمي في العراق رغم كل الصعوبات التي يواجهها، أن يحضر ببلده حيث يجب أن يحضر، فيما لبنان الغارق في زنزانته المعتمة، غائب حتى عن الحد الأدنى من المحطات التي يفترض أن يكون حضوره فيها، مفيداً لاقتصاده المنهار.

دولتان في قمة العلمين تربطهما بلبنان علاقة اقتصادية هما الأردن ومصر اللتان من المفترض أن تمدا لبنان بالكهرباء، فهل كان غياب لبنان عن قمة العلمين لأن مصر صاحبة الدعوة لم توجه له الدعوة للحضور، أم أن مصر تعرف أن لبنان مغيب قسراً، لأن حضوره قمة كقمة العلمين سوف يعني أنه على الطريق لاستعادة ولو جزء يسير من قراره المسلوب، وهذا ممنوع من الصرف لأن المطلوب أن يبقى رئيسه على طاولة تشكيل حكومة المحاصصة، ورئيس حكومته في حالة مناكفة طويلة مع فريق الرئيس وصهره، قبل الدخول في الفراغ وبعده، بل لأن المطلوب أن يكون الفراغ هو الجالس الحقيقي على كرسي الحكم، فلا دولة ولا مؤسسات ولا حضور.

بين العراق ولبنان تشابه في المعاناة وفي أسباب المعاناة، لكن المسافة شاسعة بين من يخطط في العراق كي يأخذ بلده مكانه الطبيعي بين الأمم فيفشل مرة وينجح مرات، وبين من يخطط في لبنان، كي ينال وزير الثلث المعطل، أو كي يجلس على كرسي فارغ يسمى كرسي الرئاسة الأولى.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us