في لبنان لا تنمية ولا إستدامة! “الشامي” لـ “هنا لبنان”: تبدأ التنمية ببناء دولة راعية لجميع القطاعات!


أخبار بارزة, خاص 12 أيلول, 2022

كتب أنطوني الغبيرة لـ “هنا لبنان”:

حاجة لبنان إلى النهوض وإعادة تحريك عجلته الإقتصاديّة لا تحتمل إنتظار المفاوضات مع إسرائيل ونتائجها للبدء بعملية إستخراج الغاز وإنعاش الإقتصاد الوطني. علينا البدء بأسرع الخطوات لتحقيق تنمية إقتصاديّة مستدامة نستفيد منها نحن والأجيال القادمة.

تتعدد الأزمات والأسباب غير أنّ النتيجة واحدة، شعبُ لبنان يعيش الإنهيار ولا يوجد قطاع إقتصادي مستقرّ. فما هي العلاقة بين التنمية المستدامة والقطاعات الإقتصاديّة لتحريك العجلة الإقتصادية؟

تواصلنا في هنا لبنان مع الخبير الإقتصادي محمد الشامي الّذي بدأ بتحديد مفهوم التنمية المستدامة، وهي سياسات متنوّعة تقوم بها الدولة، بغية تحسين الظروف المعيشيّة وحياة المجتمع والأفراد؛ وذلك مع ضمان حق إستمرارية تحسّن الظروف المعيشية للأجيال القادمة. وبالتالي حصول الفرد على أفضل حياة ممكنة بأفضل وسائل استخدام للموارد الطبيعية.

وأشار الشامي، السياسات التنموية في لبنان توقّفت نسبياً في العهد الشهابي. فمن منظار التنمية المستدامة، مؤسسات الدولة تتجلى بتأمين خدمة جيدة للمواطن اليوم وفي الغد وبعد عشرات السنين. على سبيل المثال لا الحصر، خلال الفترة الشهابية تأسس كل من مجلس الخدمة المدنية لتأمين التوظيف وفق شفافية ومعايير كبرى وكفاءة معيّنة، وضمان إجتماعي لتأمين الرعاية الصحيّة؛ وبغض النظر عن الفساد الذي حصل داخلها لاحقاً، لكن الهدف الأساسي من إنشاء هاتين المؤسستين هو تحقيق التنمية المستدامة.

من منحى آخر، أكّد أنّ مشكلتنا في لبنان هي بالسياسات الآنية والظرفية، والتي تعتمد على حلّ نتائج المشكلة وليس حل أساس المشكلة! وعودةً إلى موضوع القطاعات الإنتاجيّة، أشار إلى أنّ الرزنامة الزراعية في لبنان لم يتم الإلتزام بها رغم اعتمادها؛ ودخلت السمسرات والمصالح كإستيراد بطاطا مصرية في وقتٍ لا يجب أن تتم عملية الإستيراد لعدم التأثير على الإنتاج الوطني ، ومن المفترض إيجاد حلول للمشكلات قبل حصولها! وطرح سؤال عن مدى قدرة الدولة على الإلتزام وتطبيق السياسات التي ستضعها؟!

مُردفاً، من ناحية القطاع التجاري ومن النظرة الإقتصادية، لبنان بلدٌ عاجز في ميزانه التجاري كونه يستورد أكثر ممّا يصدّر. بالمقابل لدينا فائض بميزان المدفوعات، أي يدخل الكثير من العملات الصعبة؛ وهذه حالة فريدة من نوعها بين الدول وكانت ميزة موجودة عبر السنوات وداعم للإقتصاد الوطني. إذ كان هناك استثماراتٌ كثيرة بالقطاع الخدماتي والسياحي، ومناخ مالي مستقرّ. غير أنّ السياسة هي سبب وصولنا إلى الإنهيار!

ومقارنةً مع الماضي اعتبر الشامي أنّ القطاعات الإنتاجية تواجه مشكلات عدّة اليوم، كإرتفاع الدولار الجمركي وأسعار المحروقات وإرتفاع أسعار البذور وعوامل وأسباب داخلية أخرى. لكن أزمة الإنتاج في هذه القطاعات عالمية وكلفة النقل والشحن عالمياً إزدادت؛ فالمناخ الإقتصادي العالمي سيطول، ونحن في لبنان لدينا كلفة إنتاج هي الأعلى عالمياً لأننا نفتقر إلى المواد الأوليّة.

مُضيفاً، من المستغرب أن نسمع أنه علينا تحويل لبنان إلى بلد صناعي وموادنا الأولية مستوردة، أو إلى بلد زراعي وإنتاج سهولنا لا يُطعم الشعب لمدة أسبوع. يمكننا التكلم عن صناعات بسيطة كالنبيذ أو بعض الصناعات الحرفيّة، أو زراعات بعض الفاكهة التي نتميز بها بسبب المناخ الطبيعيّ.

إذا أردنا تأمين إستمرارية للأجيال وتنمية في لبنان علينا الإتجاه نحو القطاع السياحي الخدماتي، ولكن بطريقة صحيحة بعيداً عن الفساد والمحاصصة والنزالات السياسية والعلاقات الدولية المتوترة. هذا القطاع ذو كلفة بسيطة غير أنه يزدهر مع إستقرار الوطن، ونهضة لبنان حاضراً ومستقبلاً – للأجيال القادمة – لن تكون دون هذا القطاع كونه المحرّك الأساسي للعجلة الإقتصادية!

بالنسبة للشامي، المطلوب هو قرار سياسي ومناخ سياسي ملائم. موقع لبنان يتأثر بالجوار وبالسياسات الإقليميّة والدولية. وإذا كان قطاع الخدمات يؤمن الإستمرارية للوطن ويتفوّق على باقي القطاعات، فإنّ إعادة هيكلة القطاع العام مع ترشيد القطاعات الحكومية وتأمين قوانين إقتصادية تسعى لتنمية إقتصادية مستدامة والمحافظة على درّ العملات الصعبة.

لا تنمية من دون بنى تحتيّة، كهرباء، إتصالات، إنترنت، مياه والتي نعيش من دونها اليوم، أمّا في الغد لا أحد يدري فقد يتوقّف المطار وغيره من مرافق. من هنا رفع الشامي الصرخة ووصف الأمر بالمرعب كون سياسيّي لبنان لا يحركون ساكناً؛ وقبل البدء بعملية التنمية علينا تفعيل عمل الدولة كون التنمية تحتاج إلى خطّة كاملة متكاملة، لذا علينا البدء بتنمية مستدامة لمرافق الدولة الرئيسية وتأمين المواد الحيوية ومن ثمّ الإنتقال إلى تنمية القطاعات.

ختم الشامي “يجب أن تبدأ التنمية المستدامة من خلال بناء دولة مستدامة فهيكلية وشكل الدولة تأثيرهما كبير، كون الدولة هي الراعي وقائد الأوركيسترا لجميع القطاعات، لذا علينا البدء بإعادة النظر بقوانيننا”.

ونختم نحن، بدقّ ناقوس الخطر، فمع إنتهاء الموسم السياحي ومغادرة المغتربين والسيّاح والعملات الأجنبيّة التي كانت المحرّك الأساسي لإقتصاد الوطن، ندخل في دوّامة المجهول! قد يكون هذا القطاع الأسرع لتحريك العجلة الإقتصاديّة غير أنّه من واجبنا تنمية القطاعات الأخرى لتحقيق توازن إقتصادي! فيا أسياد الحكم شعبكم مُفلسٌ وجائعٌ، إرحموه!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us