طرابلس تسأل: هل الخوف منّي مبرَّر؟!!


أخبار بارزة, خاص 12 أيلول, 2022

كتبت نسرين مرعب لـ “هنا لبنان”:

منذ سنوات عدّة وطرابلس وأهلها يخضعون لمحاكمة دورية. وكأنّ هذه المدينة عليها دائماً أن ترفع أمام الجميع سجلّها العدلي مرفقاً بعبارة “لا حكم عليه”.

هناك من يرفض أن يرى طرابلس كما يراها أهلها، أو كما يرى المناطق اللبنانية الأخرى، هو ينظر إليها من بعيد، مدينة، مهمّشة، فقيرة. ويظنّ ربما أنّ أهلها بمعظمهم أميّين، ذوي دوافع جرمية، ونزعة داعشية.

هناك من يتخيّل هذه المدينة، رمادية، مهجورة، لونها أسود، وأهلها منهكون.

هناك من يمزج بشكل مريب، بين الهوية العامة والتطرّف، فطرابلس ذات الصبغة “السنية”، لا تختلف عن “البترون” ذات الصبغة المسيحية، ولا عن “عاليه” ذات الصبغة الدرزية أو “النبطية” ذات الصبغة الشيعية… ولا عن كل المناطق اللبنانية المقسّمة طائفياً منذ تأسست هذه الجمهورية!

غير أنّ طرابلس ربطت هويتها، بطريقة مريبة، بالتطرّف والإرهاب والدعشنة، وبات أهلها مدانون بمعتقداتهم التي يكفلها لهم الدستور، وبحقّهم في ممارسة شعائرهم، فأصبح النقاب جريمة، واللحية جريمة، وعباءة الرجل جريمة.. حتى الصلاة في المساجد كادت أن تصبح في طرابلس “موصومة”!

“من 20 سنة مش طالع طرابلس”، يقول لي أحد الأصدقاء، معبّراً عن شوقه وخوفه في آن واحد من زيارة هذه المدينة. أبتسم أنا، دون أن أفهم سرّ هذا الخوف، فأنا أعرف تفاصيل مدينتي، أعرف كل حيّ فيها، وأدرك أنّ هذا الخوف وهمٌ إعلامي، ولعبة سياسية، ومخطط لإبقاء المدينة في إطار ظلامي مفبرك!

ودون أيّ رد منّي، أفتح هاتفي، ومن حساب “انستغرام”، أريه صوراً لمقاهي طرابلس، وأنظر إليه وهو منبهر بها تماماً، إن لناحية التصميم أو لناحية الرقي، وحين أصل في جولتي الافتراضية إلى شارع مينو، والـ”pub”، ينظر إليّ متفاجئاً ويسأل: كحول في طرابلس؟!

أردّ إيجاباً، وأؤكد أنّ هذا الشارع موجود في طرابلس منذ سنوات ولا أحد يتعرّض لا للمستثمرين فيه ولا لرواده!

يستغرب صديقي هذا الوجه المغيّب عنه، فالمطاعم والمقاهي في طرابلس تضاهي المناطق مختلفة جمالاً وتتفوق على بعضها، وشارع الحمرا – وفق تعليقه – لا يتميّز بالكثير عن شارع مينو، فالحميمية الطاغية على جدران هذا الحيّ كفيلة بجذب السياح.

“شو قصة الـ 4 قتلى بطرابلس؟ داعش؟”، تسألني صديقة، وهي تستفسر عن دوافع الجريمة التي حصلت في طرابلس في الأيام الماضية، وتقارب بينها وبين إحدى الجرائد التي بشّرت بعودة داعش، هنا لم أبتسم، بل استنفرت، وبادرت السؤال بأسئلة، فلبنان يشهد جرائم بشكل يومي وفي مناطق مختلفة، لماذا لا يتم تعويم سيناريو داعش إلاّ إذا كانت الجريمة – المستنكرة طبعاً – في طرابلس؟ لمَ الترهيب دائماً حكر على هذا الشمال، ولمَ داعش يُربط فقط بطائفة ومنطقة محددة جغرافياً!

تعيد الصديقة “دوزنة”، سؤالها. مؤكدة على محبتها للمدينة، وعلى مظلوميتها!

“المظلومية”، هذه الكلمة هي بيت القصيد، فطرابلس مظلومة من محيطها وحتى من أهلها، وحتى من إعلامييها، هناك من يستلذ بإثبات التهم المجحفة بحقّها، وبفبركة سكوب وبالترويج لمعلومات مغلوطة!

وهناك من يساهم، في التآمر على هذه المدينة من حيث يدري أو لا يدري. ووسط كل هذا تبقى طرابلس وحدها تقاوم، بعيداً عن الاستغلال الإعلامي والخبث السياسي!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us