فاتورة المواطن الصحية “باهظة”.. اللبناني على محكّ الموت قهراً


أخبار بارزة, خاص 28 تشرين الأول, 2022

كتبت ريتا صالح لـ “هنا لبنان”:

بعد كل الأزمات التي مرّت على لبنان وخصوصاً في السنوات الثلاثة الأخيرة، وبعد الإنهيار الكامل للدولة اللبنانية، ومع انتهاء عهد الرئيس ميشال عون الذي حمّل الشعب اللبناني أعباء تراكميّة كثيرة، ودفع العديد منهم إلى الهجرة هرباً من الذلّ الذي يعصف بحياتهم اليومية، إن صحة المواطن في لبنان صارت “في خطر دائم ومستمر”.

المأساة كثيرة والهموم لامتناهية، حيث أدى الوضع المالي والانهيار الاقتصادي الكبير إلى العديد من المشاكل التي تتراكم رويداً رويداً وتؤثر سلباً على حياة اللبناني وصحته.

مع بداية الأزمة الاقتصادية، أصبح الدولار الشغل الشاغل لكل مواطن، وبات المراقب الأول لعملية هبوطه أو ارتفاعه على منصة السوق السوداء، وربط حياته اليومية بحركة الدولار مقابل الليرة اللبنانية. وفيما أن الصحة هي الهمّ الأكبر لكل فرد، ومع انهيار الدولة في كافة قطاعاتها وعدم معالجتها للمشاكل الراهنة ومنها القطاع الصحي، وتحميل المستشفيات أعباء الأزمة الصحية التي تشكل هاجساً للمواطن، جعلته يسأل نفسه إذا كان من الضروري دخول المستشفى في حال لزم الأمر، أو إذا كان هناك داعٍ من إجراء عملية ما، أو زيارة الطبيب؟؟… أو يمكنه التأجيل وغض النظر عن إجراء الفحوصات والصور الشعاعية الضرورية واللازمة للحفاظ على صحة سليمة…

وبالرغم من أن لبنان كان من الدول الناجحة طبياً واستشفائياً، حيث كان الموظف يعتمد بشكل كبير ولافت على الضمان الاجتماعي الذي كان يغطي كلفة الاستشفاء وما إلى ذلك، ويسهّل له دفع المبالغ الكبيرة للمستشفيات، ويؤمّن له الطبابة اللازمة من دون دفع مبالغ إضافية كبيرة. إلا أنه اليوم، ومع ارتفاع الدولار وانهيار العملة اللبنانية، وتجاهل الدولة تحسين وضع الضمان الاجتماعي لتسيير أمور المواطن الصحية ولو بنسبة ضئيلة، يلجأ الناس عموماً والميسورون منهم خصوصاً إلى شركات التأمين التي تقدم لهم مجموعة واسعة من الخيارات وبوالص التأمين على الصحة، الحياة، والمركبات والممتلكات وبرامج التعليم وغيرها. وكل تلك الشركات، يُدفع لها بالدولار فقط لا غير..

وفي هذا الإطار، أفادت معلومات لـ”هنا لبنان”أنه بعد الانهيار الاقتصادي، تم تحسين التغطية الصحية للضمان الاجتماعي بنسبة بسيطة، حيث أنها تغطي 90% من الكلفة المطلوبة من المستشفى للمريض ولكن على الـ1500 ليرة. وهذا الأمر شكّل ولا يزال يشكّل مشكلة لدى المواطن، لأن جميع نفقات المستشفى ولوازمها وكلفة معداتها وأدويتها بالدولار. وبالتالي، يعتبر المواطن الخاسر الأول والأكبر من هذه العملية لأنه لا يمكنه الاستفادة من تغطية الضمان الاجتماعي الكاملة له كما في السابق ويتوجب عليه دفع مبلغ إضافي للمستشفى. في المقابل، أن شركات التأمين تؤّمن الغطاء الاستشفائي الكامل للمريض العميل لديها، وتدفع للمستشفى بالدولار وتغطي كل النفقات المتوجبة على المريض تجاه المستشفى والطبيب. وهذا الأمر يريح الفرد ولا يقلقه من جميع النواحي الطبية- الاستشفائية.

ومن ناحية أخرى، كشفت معلومات خاصة لـ “هنا لبنان” أنه على كل مريض يدخل المستشفى دفع مبلغ مرقوم مقابل تغطية الضمان لحاجاته الطبية، وذلك لأن الضمان لا يزال يدفع بالليرة اللبنانية، ممّا يشير إلى أن الوضع سيئ. وأفادت المعلومات أيضاً أن نسبة الاشتراكات ارتفعت على أصحاب الشركات والمؤسسات الضامنة لموظفيها، مع ارتفاع الحد الأدنى للأجور تباعاً. كما وارتفعت النسبة لدى الفئات الخاصة مثل السائقين. وأضافت المصادر أن الضمان الاجتماعي بحاجة إلى دعم من المؤسسات من جهة والأشخاص المضمونين من جهة أخرى والتي تدفع من حسابها الخاص، بالإضافة إلى أن الضمان اليوم بحاجة إلى الدولة، حيث أن هناك 25% من خزينتها يجب أن تعود له، إلا أن الدولة غائبة تماماً منذ سنوات عن هذا الموضوع. وأوضحت المصادر لـ “هنا لبنان” أن هناك عدداً كبيراً من الشركات لم تعد تدفع للضمان ممّا يسبب بزيادة الأعباء على صندوق الضمان الاجتماعي. وبالتالي إنّ وضع الضمان من ناحية التغطية للأفراد والموظفين ليس جيداً ولم يعد كما كان عليه في السابق، فيما وضع الاشتراكات لا يزال سليماً، حيث هناك بعض من الشركات والمؤسسات تدفع المبالغ المتوجبة عليها. وأكدت المصادر أن مكاتب الضمان الاجتماعي لم تعد تشهد حشوداً كبيرة بل أصبحت شبه “مهجورة” من الناس. وذلك لأن الناس باتوا يفضلون التعاون مع شركات التأمين.

ختاماً، كل شيء بات سيئاً والوضع من سيئ إلى أسوأ لعلّ سياسيي لبنان يستيقظون من غيبوبتهم لإعادة “لبنان الجميل بكل تفاصيله”…!!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us