أكثر من 250 ألف دولار حتى تاريخه و”ظلام تام”… هذا ما يخسره لبنان نتيجة خلافات “المالية” و”الطاقة”!  


أخبار بارزة, خاص 31 كانون الأول, 2022

كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان”:

من الصعوبة بمكان ما فصل التجاذب الحاصل بين وزارتي الطاقة والمياه والمالية على خلفية ملف الكهرباء، عن الخلاف السياسي الدائر بين الجهتين اللتين تقف وراءهما، أي التيار الوطني الحر وحركة أمل، وبالطبع بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس التيار النائب جبران باسيل. وفي محصلة الأمر، ضياع التغذية الكهربائية على اللبنانيين الذين أغدقت عليهم الوعود بساعات إضافية للتغذية منذ منتصف كانون الأول. وفي الحقيقة أن القصة مع هذه الوعود تعود إلى زمن، وسبق للوزير وليد فياض أن أطلقها في مناسبات عديدة ضارباً مواعيد محددة تارة بهذا الشهر وتارة بذاك الشهر، من دون أن يتحقق منها شيء. أما اليوم، فإن مصير التغذية الإضافية معلق، مع العلم أن مصرف لبنان بادر إلى تسهيل موضوع الدفع وأصدر قراراً أعلن فيه استعداده لبيع الدولارات لمؤسسة كهرباء لبنان بسعر منصة صيرفة في الأول من كل شهر مع زيادة ٢٠ % بعد إيداع المؤسسة صناديق المصرف قيمة المبلغ المطلوب بالليرة اللبنانية متمماً كل واجباته.

ووفق تفاصيل الملف فإن اتفاقاً تم بين كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس ميقاتي ووزير الطاقة وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة باستقدام ٤ بواخر من الفيول لزيادة التغذية بالتيار الكهربائي بين أربع وخمس ساعات يومياً. وكانت هيئة الشراء العام أطلقت مناقصة البواخر بسرعة وفق ما أعلن الوزير فياض الذي قال وقتها، أنه تم الاتفاف مع الرئيس بري على صيغة تمويل الكهرباء، ووصلت الشحنة الأولى من الفيول إلى الساحل في الخامس عشر من كانون الأول وتبعتها شحنة أخرى.
أما على أرض الواقع فلا كهرباء ولا من يحزنون. فوزير الطاقة والمياه تمنى على وزير المال يوسف خليل إصدار التوجيه لمصرف لبنان بهدف إصدار خطاب الاعتماد الذي يحتاجه المورد لإفراغ شحنة الفيول التي تنتظر في البحر وهي عبارة عن باخرة في دير عمار وأخرى في الزهراني بكمية ٦٦ ألف طن. وعلى الفور ردت وزارة المالية في بيانها على الوزير فياض، قالت فيه أن الفارق كبير بين توافر الأموال وبين وجود ضمانة وسند قانوني بخاصة أن المبلغ الكبير المطلوب تأمينه “٦٢ مليون دولار” يتطلب مرسوماً يوقع عليه رئيس الحكومة والوزراء المختصون وهو ليس متوافراً، ناهيك عن أن مؤسسة كهرباء لبنان لم توقع تعهداً بإعادة أي سلفة يتم إقرارها كما يفرض قانون المحاسبة العمومية لا بل حتى نأت نفسها عن سدادها.
وختم البيان مؤكداً أن الوزارة ستوجه إلى وزارة الطاقة كتاباً مفصلاً عن الثغرات كافة.
وهكذا بات موضوع التغذية من دون تطبيق، فما هي السيناريوهات؟

تفيد أوساط سياسية مطلعة لموقع “هنا لبنان” أن الخلاف الذي عاد واستجد بين الرئيس ميقاتي والنائب باسيل من جهة كما الموقف الأخير للرئيس السابق ميشال عون من رئيس مجلس النواب ورد الأخير، كان له انعكاس سلبي على ملف الكهرباء الذي أعاد بالذاكرة التباينات الكبرى التي شهدها بين وزارة الطاقة التي يتزعمها التيار وبين وزارة المال الممسكة من قبل حركة أمل، حول ملف البواخر والمعامل وغالبيتها مؤرخة وتضم شواهد، مشيرة إلى أن ما جرى مؤخراً من خلاف بين الوزارتين رحل إلى العام الجديد، حتى أن ثمة توقعات بأن يأخذ وقتاً للمعالجة، ما لم يحصل تدخل فوري من أعلى المستويات.

وتلفت هذه الأوساط إلى أن الكتاب الذي يفترض بوزارة المال أن تكون قد أرسلته يوم الجمعة، يعتبر بالنسبة إلى وزارة الطاقة لزوم ما لا يلزم وتصر بالتالي على موقفها، في حين أن وزارة المالية لن تتراجع عن موضوع المرسوم الذي يجب أن يحظى بتوقيع رئيس الحكومة والوزراء، وهذا يفتح باب أشكال خصوصاً في موضوع قيام جلسة حكومية وسط اعتراض وزراء التيار عليها، وتسأل ما إذا كانت هناك رغبة لدى باسيل في تليين موقفه ومنح موافقته للوزراء لهذه الغاية أم لا.

وترى هذه الأوساط أن الخطأ الفادح الذي يعتمده وزراء التيار مراراً وتكراراً هو إطلاق المناقصة قبل تأمين الأعتمادات كما أن هناك إشكالية تتعلق بعدم سداد مؤسسة كهرباء لبنان أي سلفة يتم منحها لها ولذلك لم توقع أي تعهد مطلوب منها.. وتشير إلى وجود أكثر من سيناريو في هذا الملف، فإما أن تخضع وزارة الطاقة لمطلب وزارة المال أو لا وإما أن يصار إلى عقد اجتماعات بين المعنبين للتوصل إلى تسوية ما، لا سيما أن ما من فريق سياسي في وارد تحمل مسؤولية العتمة، إلا إذا أرادوا عكس ذلك، داعية إلى انتظار ما تحمله الأيام الأولى من العام الجديد، على أن هناك معلومات تحدثت عن انطلاق اتصالات خجولة لإيجاد حل للملف قبل الظلمة المنتظرة.
ويقول مدير عام الاستثمار في وزارة الطاقة والمياه سابقاً غسان بيضون لموقع “هنا لبنان” أن تأخير تفريغ شاحنة الفيول يكلف بين ١٨ و٢٠ ألف دولار يومياً وذلك بعد وصول الباخرة بـ ٧٢ ساعة وهذا استهتار من قبل مؤسسة كهرباء لبنان ويشير إلى أن هناك سوء إدارة في هذا المجال إذ أنه على مر التاريخ أقدم المعنيون على طلب استقدام الباخرة قبل جهوزية الدفع والتفريغ.
ويؤكد أن التعاطي خاطئ من الأساس لأنه لا يمكن طلب بواخر الفيول قبل تأمين تكلفتها، ويلفت إلى أن هذا الأمر يتكرر وهو بمثابة فوضى رهيبة حتى أن يصار إلى طلبها أي البواخر من دون الاعتمادات ويبدأ المعنيون بعد ذلك بالتواصل مع وزير المال في نهاية الأسبوع لمعالجة الأمر.
ويرى بيضون أن مصرف لبنان لا يثق بقدرة مؤسسة كهرباء لبنان على رد الأموال ولذلك طلب منها تعهداً وهي لم تفعل لعدم تمكنها من تسديد الأموال.
ويشير إلى أن طلب وزارة المال بمرسوم يوقعه رئيس الحكومة والوزراء يهدف إلى استدراج الفريق الآخر لحضور جلسات الحكومة.

وفي عملية حسابية بسيطة فإن الغرامات المتوقعة تتراوح بين ٢٥٢ و٢٨٠ ألف دولار حتى اليوم ومرشحة للارتفاع في حال بقي الموضوع من دون حل.

وهكذا تقفل سنة ٢٠٢٢ على تبخر وعود التغذية الإضافية، بفعل المناكفات السياسية التي عطلت وتعطل القطاعات الحيوية في البلد وشؤون المواطنين اليومية وما تزال مستمرة في ذلك.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us