“الكاش Economy” يجذب مبيّضي الأموال ويضرب سمعة لبنان


أخبار بارزة, خاص 14 آذار, 2023

الاتجاه نحو الـ cash economy” يهدد سمعة لبنان الخارجية، حيث من المتوقع تخفيض تصنيف لبنان إلى المنطقة الرمادية في اجتماع FATF والتي مهمتها وضع المعايير وتعزيز التنفيذ الفعال للتدابير القانونية والتشغيلية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ما يعقّد مسألة دخول استثمارات جديدة إلى لبنان..

كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:

يتفاقم حجم التداول بـ “الكاش” في لبنان يوماً بعد يوم حتى أنّ أكثر من 70% من العمليات المالية أصبحت نقدية، وذلك بفعل الأزمة الاقتصادية والمصرفية التي ضربت البلاد خلال العام 2019، والتي دفعت العديد من الأشخاص إلى تخزين أموالهم في المنازل، الأمر الذي شكل تضخماً في الكتلة النقدية المتداولة، والذي ساهم في تحوّل الاقتصاد اللبناني من اقتصاد مراقب ومنظم يتبع القواعد العالمية إلى اقتصاد “الكاش” العشوائي، في ظل غياب التنظيم والاتفاق بين الطبقة السياسية على خطة اقتصادية شاملة وواضحة للخروج من الأزمة.

وعلى ما يبدو أن مشهد الدفع بـ “الكاش” لن يتبدل في القريب العاجل وسيكون له تداعيات على الاقتصاد والمواطن، وعلى سمعة لبنان المالية في العالم، لناحية تطبيق قوانين الشفافية ومكافحة الإرهاب وتبييض الأموال.

المحلل الاقتصادي نديم السبع يقول لـ “هنا لبنان”: “إن الأزمة التي يعيشها لبنان أدت إلى إلغاء النموذج الاقتصادي السائد في البلاد منذ الاستقلال وحتى نهاية العام 2019، حيث بدأ الناس بسحب أموالهم من المصارف وتخزينها في المنازل ما ساعد على تعزيز الاقتصاد النقدي أو ما يعرف باقتصاد “الكاش”، والذي يعتبر من أسوأ الممارسات وأشدها خطراً على الاقتصاد”.

ويتابع: “الاقتصاد النقدي هو نظام اقتصادي تتمّ فيه المعاملات المالية نقداً وليس عن طريق الائتمان أو الأوامر الدائمة أو التحاويل المصرفية، ويعتبر من أخطر أنواع الاقتصادات في العالم، حيث يزيد من عمليات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب بسبب السحوبات والإيداعات النقدية الكبيرة التي تتم دون رقابة، واعتماد التجار والمواطنين على النقد الورقي في تعاملاتهم بلا حسيب ولا رقيب”.

ويرى السبع أن “الأسباب الرئيسية وراء تحول لبنان إلى “كاش economy ” هي سوء إدارة الدولة اللبنانية لكافة القطاعات، الفساد والمحسوبيات، وعدم وجود نظام ضريبي يتماشى مع المعايير العالمية ما أدى إلى الاتجاه نحو الاقتصاد النقدي.

وقد ساعد اقتصاد “الكاش” في أعمال التهرب والتحايل الضريبيين، حيث لا يوجد بيانات مالية ولا تحويلات مصرفية ولا شيكات، فيقوم من خلاله المُكلَّف ضريبياً بالاحتيال على القوانين من أجل عدم سداد قيمة الضريبة المستحقة عليه، وهو ما يوقع الدولة بخسائر فادحة ويحرمها من إيرادات كان يمكن استخدامها في مشاريع واستثمارات لدعم النمو الاقتصادي.

ويشرح السبع: “نظام الاقتصاد النقدي يساعد على عدم الإبلاغ عن جميع المصادر التي يتحصل منها الدخل في حال وجود مصادر متعددة له، إضافة إلى إدخال أرقام خاطئة في السجلات المحاسبية، وأيضاً الخلط بين النفقات الشخصية والنفقات التجارية للمكلف، مع تضخيم النفقات والمصروفات بهدف تخفيض الدخل الخاضع للضريبة”.

ويضيف: “هذا النظام يؤدي إلى جذب مبيضي الأموال وازدياد عمليات تمويل الإرهاب وغيرها من الأعمال غير المشروعة بسبب غياب الرقابة والقوانين”.

ويشدّد على أن “الاتجاه نحو الـ cash economy” يهدد سمعة لبنان الخارجية وهذا ما لاحظناه مؤخراً، حيث من المتوقع تخفيض تصنيف لبنان إلى المنطقة الرمادية في اجتماع FATF والتي مهمتها وضع المعايير وتعزيز التنفيذ الفعال للتدابير القانونية والتشغيلية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ما يعقّد مسألة دخول استثمارات جديدة إلى لبنان، كما أن المصارف المرسلة ستتعامل مع المصارف اللبنانية بحذر وهو ما قد يدفع إلى مزيد من التدهور في سعر صرف الليرة، وزيادة نسب التضخم، وانعدام القدرة الشرائية للمواطن والذهاب نحو مزيد من عمليات الإفقار الجماعية”.

تراجع المعاملات المصرفية والتحول باتجاه التعاملات النقدية الورقية، يهدد اقتصاد لبنان بشكل مباشر، ولن يكون الحل إلا عبر جهود سياسية لتطبيق الإصلاحات الأساسية وتحفيز الاستثمار ووقف المحاولات الساعية للإطاحة بالقطاع المصرفي، ووضع خطة مالية اقتصادية واضحة ونظام ضريبي حديث لتعود مالية الدولة إلى انتظامها ويعود الاقتصاد اللبناني للعمل وفق أسس ومعايير دولية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar