“التطبيع مع جرائم القتل”.. من استباح دماء النساء؟!


أخبار بارزة, خاص 27 آذار, 2023

ماذا لو كانت القضية حقّاً قضية شرف؟ فمن يمنح للزوج أو للأخ أو لأيّ كان حق ارتكاب جريمة وزهق روح؟ هل من شريعة قوننت هذه الفوضى القاتلة، حتّى أصبحنا جميعنا اللواتي ننسب بـ “نون النسوة” عرضة للتعنيف، للطعن، للرصاص، للسحل، تحت مفاهيم الشرف!

كتبت نسرين مرعب لـ “هنا لبنان”:

جريمة مروّعة، دوّت بها صحراء الشويفات فجر السبت، وذهبت ضحيتها زينب زعيتر (26 عاماً).

مسرح الجريمة منزل الزوجية، والشهود ثلاثة أطفال أكبرهم لا يتجاوز الـ7 أعوام. أما السبب فمكالمة هاتفية وردت للجاني وفق ما نقل وتُدوال في بعض وسائل العلام، مكالمة غاص فحواها في وحل الـ “قيل” والـ “قال”، فنسجت الروايات والحكايات، وطفا الشرف فوق الدماء البريئة!

بـ10 طلقات نارية، وبأعصاب باردة، وتحت راية الشرف، صمّم الزوج على إنهاء حياة زوجته، فلم تُشبع دافعه الإجرامي رصاصة ولا رصاصتان ولا ثلاثة، بل 10!

ولم “يرتّق” شرفه المزعوم، إلا طلقات عدّة، تنتهك الجسد الذي أمامه، وتتنزع منه الحقّ في الحياة.

بعدما تأكّد “المجرم” من أنّ الجريمة قد اكتملت فصولها، وأنّ الضحية قد غادرت هذه الأرض الظالمة إلى حيث العدالة الإلهية، هرب، وتوارى عن الأنظار، ليضعنا أمام جريمة ثانية!

الجريمة الثانية، بطلها الأخ، الذي أكّد أن لا ثأر بينه وبين نسيبه، فترك جسد شقيقته تحت التراب، وهرول كي يفتح القهوة التي يملكها “المجرم”، شاكراً إياه على “غسل عار العائلة”!

إذاً، العار غُسل بعشر رصاصات، فقتلت زينب، وشهّر بها وهي جثّة. ولم يخرج من بين القطيع الذكوري الأعمى لا من يأخذ حقّها ولا من ينصفها.

جريمة زينب وفق بيئتها هي جريمة شرف. جريمة “مدّعاة” لا شيء يثبت أنّها ارتكبتها، لا شيء بتاتاً، سوى أقاويل الزوج ورفاق قهوته، ومكالمة هاتفية مزعومة وتسريبات عن صور مرسلة من هاتفها “دون حجاب”.

وبذلك غدت زينب ضحية “اللقلقة” والـ “لا دولة”، ضحية قتلت أكثر من مرة، وما زالت تقتل حتى تاريخه!

ولكن ماذا لو ثبتت التهمة؟ وماذا لو كانت القضية حقّاً قضية شرف؟ فمن يمنح للزوج أو للأخ أو لأيّ كان في هذه الحالة، حق ارتكاب جريمة وزهق روح؟ هل من شريعة قوننت هذه الفوضى القاتلة، حتّى أصبحنا جميعنا اللواتي ننسب بـ “نون النسوة” عرضة للتعنيف، للطعن، للرصاص، للسحل، تحت مفاهيم الشرف!

زينب ليست الضحية الأولى، ولن تكون الأخيرة، فالغابة لا تنظر إلى الأنثى إلا كجسد ضعيف، كظلّ، كرقعة دماء.

هذه الغابة التي طبّعت مع القتل، فتحوّلنا كإناث، إلى مشاريع “موتى” في لحظة غضب، أو عنفوان، أو قلق، أو شك!

أرقام مخيفة

وفق أرقام قوى الأمن الداخلي، فإنّ 9 نساء قتلن في جرائم عنف أسري بين كانون الثاني وتشرين الأوّل من العام الماضي، فيما قتلت 18 امرأة في العام 2021.

هذه الأرقام وفق المنظمات المعنية بحقوق المرأة أقلّ بكثير من الواقع.

إلى ذلك قالت دراسة أجرتها منظمة “أبعاد”، إنّ 96 في المئة من الفتيات الشابات المقيمات في لبنان يتعرّضن للعنف ويخشين التبليغ.

الساخر وسط كل هذه الأرقام أنّ هذه الجرائم تنفّذ تحت راية “قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري”، والذي كان قد أقرّ في العام 2020 مع تعديلات، ورغم أنّ هذا القانون بات نافذاً غير أنّ الاحتيال عليه من قبل بعض الجهات، حال دون ردع المجرمين عن إشباع غريزة القتل التي لديهم!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us