لماذا كل هذا الحقد.. مرحباً يا بيروت!


أخبار بارزة, خاص 20 نيسان, 2023

لماذا يستفز تعبير “أهل بيروت” بعض اللبنانيين؟ فهل من عاصمة في العالم بلا هوية؟ ماذا لو قلنا لجميع البيروتيين بأن عاصمتكم بلا هوية وأنها مستباحة من جميع المناطق والأهواء؟

لماذا كل هذا الحقد على بيروت التي تستقبل كل من يقصدها بروحها التي تبقى مع كل من يزورها مدى الحياة؟


كتب عمر قصقص لـ “هنا لبنان”:

يوم أمس نشر موقع “هنا لبنان” فيديو لأطفال سوريين يسبحون في وسط بيروت، تحديداً في بركة الشهيد سمير قصير المحاذية لمبنى بلدية بيروت. خبر قد يبدو عادياً قبل أن تشتعل الحروب والهجمات التويترية والفيسبوكية بين من استفزهم المشهد، وبين من رأى أن المشهد عاديّ مطالبين بأن يغدو وسط بيروت مسبحاً شعبياً للعموم.

فجأة ومن دون سابق إنذار تحوّل النقاش ليلاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول هويّة بيروت، خاصة عندما قام عدد كبير من البيارتة والبيروتيين باستنكار المشهد رافضين العبث بمدينتهم وأن يتحول وسط بيروت إلى مسبح للعموم وأن تزداد هذه الظواهر كما ازدادت ظواهر أخرى كالتسوّل في شوارع بيروت.

السؤال هنا، لماذا يستفز تعبير “أهل بيروت” بعض اللبنانيين؟ فهل من عاصمة في العالم بلا هوية؟ ماذا لو قلنا لجميع البيروتيين بأن عاصمتكم بلا هوية وأنها مستباحة من جميع المناطق والأهواء؟

هوية البيارتة ليست مذهبية أو طائفية ولن تصبح كذلك إلا حين يرفض قاطنوها هوية أبنائها الذين يحتضنون جميع الجنسيات والمدن والمناطق من دون تمييز. هوية البيارتة كهوية أبناء أي مدينة، فلزحلة أبناؤها وأهلها ومثلها في طرابلس والبقاع والجنوب والشوف. جميع أهالي هذه المدن لديهم هوية ويحبون أسلوب ونمط مدينتهم وخصوصية شوارعها.

ومن يستطيع أن ينكر أن بيروت استطاعت منح هويتها لكل من يقطنها، مهما كانت أصوله؟

فعلى مر الزمن، استقبلت بيروت موجات من ملايين الأشخاص، مما أغنى ثقافتها وجعلها ملتقى للجميع. من خلال التفاعل مع هذه الثقافات المتنوعة، تعلّم سكان بيروت أساسيات التعايش والتفاهم.

عندما شاهدتُ شباناً وشاباتٍ في حراك 2019 وهم يحطمون ما ملكت أيديهم من مبانٍ وأرصفة ومحلات في وسط المدينة سألت نفسي، لماذا كل هذا الحقد على العاصمة؟ فهل يثورون على السلطة أم على العاصمة؟ لماذا كل هذا الحقد على بيروت التي تستقبل كل من يقصدها بروحها التي تبقى مع كل من يزورها مدى الحياة؟

موضة جديدة يحاول بعض النخب والناشطين والأحزاب إدخالها إلى وجدان أهل بيروت، ممنوع إنتقاد أو التحرك بوجه أي شخص أو جماعة تستبيح عاصمتهم أو تشوه صورتها وخصوصيتها.

هذه العاصمة لنا.. هكذا يقولون. نشوه صورتها كما فعل سياسيوها، نحن نريد أن نكمل ما بدأته بعض الأحزاب التي تعمل ليلاً نهاراً على تمزيق صورة المدينة ووجدانها وخصوصيتها. هم يتعاملون مع المدينة كرجل لا يجيد التعامل مع الهاتف الذكي فيحطمه ويعلن انتصاره عليه بدلاً من التعامل معه والاندماج بتطبيقاته وتطوره.

يستبيحون بيروتنا تحت حجة أن الاقتصاد والمؤسسات ومواقع الدولة مستباحة. هيا لنستبِح بيروت! هكذا يعلنون من دون خجل.

إلا أنهم لم يتعلموا ممن سبقهم، ولم يقرأوا التاريخ جيداً، ولم يدركوا بأنّ بيروت تصبر وتتحمل كل من لا يتعلم أسلوب حياتها وخصوصية أهلها، وإن لم يستطع فترذله قبل أن يتمكن من تدميرها.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar