نتنياهو يريد ردّ الاعتبار أولاً.. تسوية بحلّ الدولتين وإلّا انفجار الإقليم


خاص 7 تشرين الثانى, 2023
نتنياهو

تقرّ أوساط فلسطينية أنّ تمسك نتنياهو بخطة إنهاء حماس وتدمير غزة وإعادتها إلى سلطة إسرائيل للإفادة من مخزون النفط والغاز في بحرها، سيكون له تداعيات سلبية بفتح جبهات دول محور الممانعة من لبنان وسوريا والعراق واليمن والضفة وفلسطين، ما قد يدفع بالمنطقة إلى حرب شاملة، يعرف الجميع متى تبدأ ولكن لن يعرفوا متى تنتهي.. وهذا الخيار يتجنبه الجميع في المنطقة.


كتب فيليب أبي عقل لـ “هنا لبنان”:

تتأرجح الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط عموماً وبين إسرائيل والفلسطينيين خصوصاً، على حبلين. فسيناريو الحلقة الأخيرة من الحرب الإسرائيلية على غزة، مع دخولها الأسبوع الثالث، يحصر بفرضيتين: فإما أن تنجح المفاوضات الجارية في قطر وعُمان وتسحب فتيل الانفجار الشامل، أو تخفق ويدفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المنطقة برمتها إلى مستنقع حرب ضروس تشتعل معها كل الجبهات.

من المتوقع أن يشكل الأسبوع الثالث الفصل الأخير من الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، وفق أوساط عربية تواكب المفاوضات، “وسط انفراجات بشأن ملف الرهائن الذي يحتاج إلى فترة من الهدوء للبحث في المبادرات”. وتعتبر الأوساط أنّ الوقت داهم فيما تمضي إسرائيل في حربها البرية، متجاهلة موافقة الجمعية العمومية للأمم المتحدة على مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق نار إنساني فوري ودائم في غزة. فإسرائيل ومعها الولايات المتحدة ترفض أي مشروع لوقف النار قبل أن ينهي نتنياهو “الخطة” التي وضعها لإعادة الاعتبار إلى الجيش والمخابرات، وتعويم نفسه سياسياً بعد الحملة التي تواجهه، وتحميله مسؤولية الصفعة التي تعرضت لها إسرائيل في 7 تشرين الماضي عندما نفذت حماس عملية “طوفان الأقصى” بإطلاق صواريخ على تل أبيب واقتحام مستوطنات الغلاف وترك قتلى ودمار ورهائن قُدّر عددهم بـ230 رهينة.
وتتزامن هذه المعطيات مع اجتماعات تعقد في عُمان وقطر تهدف إلى وقف العمليات العسكرية وإطلاق جميع الرهائن وبدء المفاوضات للتسوية الكبرى. ويكشف مسؤول عربي أنّ أطراف الصراع يشاركون في الاجتماعات عبر مسؤولين أمنيين أميركيين وإيرانيين. ووفق ما تمّ تسريبه فإنّ الخلاف بين المفاوضين قائم حول جدول الأعمال وأولويات الملفات، وسط إصرار نتنياهو على إنهاء حماس عسكرياً” وإخراج مقاتليها من غزة، ورفضٍ فلسطيني لأي “ترانسفير”، وكذلك مصر، بعد ما تردد عن نقل فلسطينيي غزة إلى سيناء. وتتحدث أوساط غربية مطلعة عن أكثر من سيناريو قيد البحث وهي: هدنة إنسانية ووقف للعمليات العسكرية وإيصال المساعدات الإنسانية وإطلاق جميع الرهائن وإخراج حماس عسكرياً من غزة وإدخال قوة عربية إلى الداخل لضبط الوضع والإشراف على توزيع المساعدات، على أن تلغي الأنفاق قبل بدء عملية إعادة الإعمار وتتحول المرحلة لاحقاً إلى مرحلة وقف إطلاق نار وهدنة دائمة تواكب بدء المفاوضات ومشاريع الحلول السياسية لتسوية كبرى وللسلام الشامل والعادل.
ولكن هذا السيناريو يواجه رفض نتنياهو قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، وتدعمه قوى سياسية أميركية ما يجعل أيّ حلٍّ مستحيلاً دون حلّ الدولتين، في حين يتمسك نتنياهو بدولة إسرائيل واندماج الفلسطينيين فيها كما هو حال فلسطينيي الـ 48 إذ ثمة نواب عرب في الكنيست.
وفي حال رفضت إسرائيل حلّ الدولتين، يهدد العرب بوقف التطبيع مع إسرائيل والتخلي عن اتفاقات ابراهام بعدما كانت واشنطن، قبل عملية “طوفان الأقصى” تراهن على التطبيع بين السعودية وإسرائيل قبل نهاية العام، ولا يمكنها التخلي عن رهانها خصوصاً وأنّ الرئيس الأميركي جو بادين يستعدّ لخوض الانتخابات الرئاسية بعد سنة من الآن، وكان قد راهن على ورقة التطبيع والسلام في المنطقة، معتبراً إيّاها حصانه الانتخابي الرابح بوجه خصمه المرشح الجمهوري الذي قد يكون دونالد ترامب.
وتكشف الأوساط، أنّه بالتوازي مع السعي لإيجاد حلّ وتسوية للحرب الدائرة، تخوض أميركا جولات من المفاوضات مع إيران للبحث في الملف النووي وحمل إيران على العودة إلى الاتفاق وخفض نسبة التخصيب ورفض حصولها على السلاح النووي لأن السعودية اشترطت عندها على حصولها على النووي. مشيرة إلى أنّ إيران تفضل إبقاء المفاوضات حول النووي بنداً أخيراً في التفاوض مع واشنطن على أن يتقدمه إيجاد حلّ للقضية الفلسطينة عبر الدولتين، الأمر الذي تعارضه أميركا وتفضل أن تكون مفاوضاتها مع إيران حول النووي وبعد ذلك تبحث سائر الملفات، لأن واشنطن تسعى إلى السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط لانها منطقة نفطية لا بدّ من إبعاد التوتّر عنها.
وإذ تشير الأوساط إلى أنّ الأساطيل الأميركية في المنطقة ليست لشنّ الحرب بل لمنعها والعمل على قيام شرق أوسط جديد من دون سلاح، توضح أنّ استعجال واشنطن لحسم الخلاف الحدودي البحري بين لبنان وإسرائيل، كان لمصلحة الشرق الأوسط الجديد، وأنّ الموفد الأميركي آموس هوكشتاين سيعود إلى لبنان فور وقف العمليات العسكرية لتثبيت الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل بما فيها منطقة شبعا واستكمال الخطوة شرقاً بترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وسوريا وضبطها، مع توسيع مهام اليونيفل جنوباً وشرقاً لمساعدة الجيش اللبناني على ضبط الحدود مع سوريا لمنع التسلل والتهريب.
وفي المقلب الآخر، تقرّ أوساط فلسطينية أنّه في حال تمسك نتنياهو بخطة إنهاء حماس وتدمير غزة وإعادتها إلى سلطة إسرائيل للإفادة من مخزون النفط والغاز في بحرها، سيكون لذلك تداعيات سلبية بفتح جبهات دول محور الممانعة من لبنان وسوريا والعراق واليمن والضفة وفلسطين، ما قد يدفع بالمنطقة إلى حرب شاملة، يعرف الجميع متى تبدأ ولكن لن يعرفوا متى تنتهي. وهذا الخيار يتجنبه الجميع في المنطقة وكلٌّ من منظاره، فالجميع خاسر في الحرب حتى من يعتبر أنه انتصر. ولذلك إنّ أيّ تسخين لبعض الجبهات تحتاجه آلية المفاوضات ومقتضيات التسوية يبقى ضمن قواعد الاشتباك إذ يفضل الجميع الحلول التفاوضية ولو ضمن سخونة.
وفي السياق، ينقل سياسي في قوى 8 آذار عن مسؤول في حزب الله قوله “نحن أمام أيام فاصلة فإما أن نذهب إلى حرب شاملة أو إلى تسوية كبرى في المنطقة، وحظوظ المسارين متساوية”. إلّا أنّ مصادر غربية تعترف بوجود تقدم في المفاوضات، وتشير إلى رسالة أميركية وردت أخيراً إلى المسؤولين في لبنان تفيد “أنّ لبنان إذا شارك في الحرب، فلن يكون أمام الرد الإسرائيلي خطوط حمر”، ودعوة الدول الغربية رعاياها لمغادرة لبنان تأتي في سياق الضغط على حزب الله، وهي رسائل مشفرة يُفترض بالأطراف إجادة قراءتها.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us