تنفيذ الـ 1701 بين رغبات إسرائيل وتطلعات إيران… أين لبنان منه؟


خاص 13 كانون الأول, 2023

من غير المستبعد أن تعمد إيران عبر أذرعها العسكرية، إلى وضع العصي في عجلة تنفيذ تطبيق القرار 1701 من خلال تسخين الجبهة من دون أخذ التهديدات الإسرائيلية بعين الاعتبار.


كتب فيليب أبي عقل لـ “هنا لبنان”:

مشهد واحد بسيناريوهين يحكم الميدان الجنوبي اللبناني بعد حرب غزة واندلاع المواجهات الحدودية عنوانه القرار 1701.
أما السيناريوهان فيتوزعان بين ما أعدّته إسرائيل لضمان أمنها شمالاً في ضوء رفض سكان المناطق المتاخمة لجنوب لبنان العودة إليها، وما تصبو إليه إيران عبر ذراعها اللبنانية “حزب الله” لمنع تنفيذ القرار وإبقاء الجبهة ملتهبة مراهنة على عدم ذهاب تل أبيب إلى تفجير واسع النطاق مع لبنان ما دامت مرهقة بحرب غزة وتالياً لا قدرة لها على فتح جبهتين في آن. فأيّ السيناريوهين سيبصر النور؟
حينما انطلقت الوساطة الفرنسية بتكليف من خماسية باريس للطلب من لبنان تطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته وقيام منطقة عازلة خالية من السلاح والمسلحين غير الشرعيين وتواجد الجيش والقوى الأمنية واليونيفيل حصراً، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت: “إذا لم تنجح التسوية الدولية في لبنان فسنتحرك عسكرياً لإبعاد حزب الله عن الحدود”. الهدف الإسرائيلي بحسب ما تؤكد أوساط غربية يتجلى بتعميم خطة إنشاء مناطق عازلة في غزة ولبنان لضمان سلامة وأمن المستوطنات تمهيداً لعودة الإسرائيليين إليها، لكن السؤال البديهي يطرح نفسه حول موقف حزب الله ومن خلفه إيران من الرغبة الإسرائيلية.
وقد أبلغ المسؤولون في حزب الله من راجعهم في موضوع تطبيق القرار 1701، أن الأمر من مسؤولية الدولة وعليها هي تنفيذه لا الحزب، وإذا أرادت إسرائيل الهدوء فعليها وقف خرق القرار 1701 براً وبحراً وجواً، لأنها هي التي تخرقه وقد تم تسجيل أكثر من 30 ألف خرق للقرار من قبلها منذ صدوره.
وتوضح أوساط سياسية قريبة من الحزب “أن وجوده في الجنوب شرعي، وفقاً للبيانات الوزارية، لأنه يقاوم الاحتلال، وشرعيته مستمدة من دعم اللبنانيين واتفاق الطائف وحق لبنان بمقاومة الاحتلال”.
في المقابل تردّ أوساط سيادية أن الحزب فقد إجماع اللبنانيين حوله لا سيما بعد انخراطه في حروب المنطقة وفق الأجندة الإيرانية، وبات ملفاً خلافياً واسعاً بين اللبنانيين المنقسمين حوله بعد انسحاب إسرائيل من الجنوب وخصوصاً إثر تورط المقاومة في الساحات العربية تنفيذاً للأجندة الإيرانية. وتضيف أنّ ادعاء المقاومة تحرير مزارع شبعا في غير محله، لأنّ ثمة نزاعاً لبنانياً – سورياً حولها لم يُحسم بعد.
إلّا أنّ إسرائيل لا تقارب الملف من هذه الزاوية، إذ ينقل دبلوماسي غربي عن مسؤولين إسرائيليين قولهم “إننا غير معنيين بالخلاف الداخلي اللبناني حول حزب الله. ما يهمنا ونريده هو التطبيق الكامل للقرار 1701، أي أن تكون منطقة جنوب الليطاني خالية من السلاح والمسلحين”.
ومن جهته، يطالب لبنان الرسمي بأن تلتزم إسرائيل المعايير نفسها، فلا سلاح ولا مسلحين بالقرب من حدود لبنان بعمق 40 كلم بعدما سمحت إسرائيل للمستوطنيين بحمل السلاح بحجة الدفاع عن النفس. إلّا أنّ أوساطاً معارضة تعتبر أنّ إنشاء منطقة منزوعة السلاح جنوب الليطاني يربك السلطة لأنها غير قادرة على تحقيق الخطوة. لذلك طلب الوسطاء أن تبادر إسرائيل إلى وقف إطلاق النار، والالتزام به والامتناع عن خرق القرار، كون ذلك يساعد على تطبيقه بالكامل، عندها يتولى الجيش اللبناني بمساعدة اليونيفيل مهمة حفظ الأمن في الجنوب.
وأبعد من الداخل اللبناني، ترى إيران، وهي لا تريد توسيع المعارك وفتح جبهة الجنوب، في تطبيق القرار 1701 استهدافاً لها من ضمن محاولة إنهاء معادلة توحيد الساحات والجبهات وخروج لبنان من تحت المظلة الإيرانية، بعد تبريد الجبهة الجنوبية وإعادة الهدوء إليها مقدمة لعودة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين كبير مستشاري الرئيس جو بايدن، لبدء تثبيت النقاط المتنازع عليها بعدما سبق وأثار الموضوع مع الرئيس نبيه بري.
وتبعاً لذلك، من غير المستبعد أن تعمد إيران التي تعتبر ساحات لبنان وسوريا والعراق واليمن وفلسطين لها، تحركها وفق أجندتها ولمصالحها عبر أذرعها العسكرية، إلى وضع العصي في عجلة تنفيذ تطبيق القرار 1701 من خلال تسخين الجبهة من دون الأخذ بعين الاعتبار التهديدات الإسرائيلية، انطلاقاً من معلومات تفيد أنّ إسرائيل لا يمكنها فتح جبهة الجنوب خصوصاً وأنّ أميركا أمهلتها حتى نهاية الشهر الحالي لوقف العمليات العسكرية في غزة، الأمر الذي أثار “توتراً” في العلاقات بين البلدين هو الأول في التاريخ بينهما. لذلك تحاول إيران أن تستفيد من هذه الوضعية ومن طلب إسرائيل من لبنان التطبيق الكامل للقرار لقيام منطقة عازلة لتدخل على الخط علّها تحصل على تواصل مع أميركا بعد توقفه منذ مدة. لقد نجحت إيران وفق أوساط غربية بعد حرب غزة في فتح جسر مع العرب من خلال المشاركة في القمة العربية الإسلامية في الرياض، فجلست مع العرب في قاعة واحدة كدولة في المنطقة تشارك في القرار وهذا ما كانت تريده وتطمح إليه فهل ستنجح في تثبيت ذلك؟
على رغم الفيتو الأميركي على مشروع وقف إطلاق النار في غزة، تقول المصادر الدبلوماسية أن المنطقة ستكون مع مطلع العام الجديد على أبواب المفاوضات وبدء الترتيبات للتسوية من خلال تجهيز المفاوضين الفلسطيني والإسرائيلي بعد الاعتراف بقيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us