هنا لبنان الدولة الفاشلة في معالجة أزماتها الداخلية... من يرمّم علاقاتها الخليجية؟

أخبار بارزة, خاص, مباشر 20 تشرين الثانى, 2021

كتب طوني عطية لـ”هنا لبنان”:

غالباً ما تقوم “الدول الذكية” باستخدام رصيد علاقاتها الدولية، ومخزون ثرواتها الوطنية، وجذب الطاقات الخارجية في عملية تطوير حاضرها وبناء مستقبلها، على غرار ما قامت به الدول الخليجية، بمقدّمتها المملكة العربية السعودية، التي نسجت روابط ثقافية مع المبدعين والمفكرين اللبنانيين منذ مطلع القرن الماضي، أمثال الأديب الكبير أمين الريحاني والشاعر العربي “الأخطل الصغير” (بشارة عبدالله الخوري)، اللّذين كوّنا صداقة متينة مع الملك المؤسّس عبد العزيز آل سعود، الذي استعان أيضاً بكبار الخبراء والمستشارين وأصحاب العلم والإدارة، كالمهندس موريس الجميّل، سعياً للحصول على خبرته في مجال المياه، وفؤاد حمزة الذي تبوّأ مراكز متقدمة في الديوان الملكي.
أما “الدول الفاشلة” التي بات لبنان يُقدم أسوأ نماذجها وأخطرها، هي التي تهدم كل ما أسّسه الآباء من علاقات تاريخية ومكانة مميزة بين العرب والأسرة الدولية، كنموذج حضاري في العالمين الغربي والشرقي. إذ أخذت السلطة اللبنانية العاجزة عن معالجة حتى أبسط مشاكلها، كأزمة النفايات المكدّسة في شوارعها منذ العام 2015، ناهيك عن التلوّث الأخلاقي للطبقة السياسية، التي شيّدت فوق بؤس اللبنانيين وحطام بلدهم هياكل الفساد، بظل غياب الحدّ الأدنى من النضوج السياسي لدى بعض الوزراء وارتفاع مستوى ثرثرتهم واستعراضاتهم الهوائية، إلى تسيّب الحدود والميليشيات، في خنق “آخر نفس” لدى اللبنانيين للعيش بكرامة، وحرق رسالة لبنان وتحويله من منبر لنشر الإبداع والجمال، إلى منصة لإطلاق الأحقاد التاريخية والصراعات الدينية والأيديولوجية والخطابات الخشبية، وإقحام لبنان في صراع المحاور، وإشعال الحرائق في الإقليم، وبعث “الخلايا” المُمانعة لمفهوم الدولة الوطنية وحُسن العلاقات الطبيعية والإستراتيجية بين لبنان والدول العربية-الخليجية.
في حين تذهب الإمارت العربية المتحدة نحو الفضاء والمملكة العربية السعودية لتنفيذ مخططاتها الطويلة ومدنها الصناعية الذكية، يسلك لبنان طريق الجحيم والهلاك. فأي عقل هذا الذي لا يكتفي بتعرية وطنه من سيادته واستقراره واقتصاده، بل حتى من صداقاته وعلاقاته؟

يرى عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب أنطوان حبشي في اتصال مع “هنا لبنان”، أن “لبنان مخطوف من أجل تحييده عن مساره التاريخي وبالتالي ضرب هويته التي لا يمكن فصلها عن رسالته ومبرّر وجوده، وهذا ما يتناقض مع الدعوة التي أطلقها رئيس الجمهورية ميشال عون من على منبر الأمم المتحدة بإنشاء أكاديمية الإنسان للحوار والتلاقي”، متسائلاً: “كيف نريد للبنان أن يلعب هذا الدور، فيما محور الممانعة يزجّه في كل الحروب المشتعلة في المنطقة من سوريا إلى العراق واليمن، وتهديد أمن الدول الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية؟”
وعند سؤاله عن مبالغة دول مجلس التعاون الخليجي في ردود فعلها الدبلوماسية تجاه لبنان على خلفيات تصريح الوزير جورج قرداحي، قال حبشي “إنّ الأزمات وإن كانت تشعلها أحداثٌ وأفعالٌ مباشرة، غير أن أسبابها الفعلية والحقيقية، هي نتيجة تراكماتٍ سياسيّةٍ عديدةٍ مسؤولةٌ عنها الدولة اللبنانية، التي لم تتخذ حتى الآن أيّ إجراءاتٍ فعليّةٍ لتصحيح العلاقة مع السعودية والإمارات العربية والكويت والبحرين التي حذّرت مراراً وتكراراً بأنها سوف تقدم على هكذا خطوات تصعيدية”.
وفي سبيل الخروج من هذا النفق المظلم، أشار حبشي إلى أنّ “الخلاص هو بيد الشعب اللبناني، الذي يُعوّل عليه فقط في تقرير مصيره واستعادة قراره وسيادة دولته، وأن أمامه فرصة مهمة في الإنتخابات النيابية المرتقبة، التي سترسم مستقبل لبنان وبالتالي مستقبل شعبه”، وشدّد أنه “من دون استرداد الدولة لسيادتها المسلوبة، لن تستطيع معالجة ملفّاتها الإقتصادية والإجتماعية التي يرزح الشعب ويئنّ تحت نير أثقالها”.
وعن دور “القوات اللبنانية” التي تربطها علاقات استراتيجية مع المملكة العربية السعودية، قال إن “سعي القوات وحدها لا يكفي، لأن العلاقات بين الدول، تقوم من دولة إلى أخرى، وعليها تقوم مسؤولية حلّ أزماتها ومشاكلها السياسية والدولية”.
وختم حبشي حديثه منوّهاً بدور اللبنانيين العاملين في الخليج العربي، والمحافظة على احترامهم لهذه الدول التي فتحت أمامهم آفاق المستقبل، في تحقيق أحلامهم وطموحاتهم وما يعود على أهلهم وذويهم في لبنان بالخير.