جبران بكل الألوان


كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان” :

إذا كان الصهر النجيب لميشال عون قد استطاع أن يكون تلميذاً يحفظ عن غيب أساليب الجنرال التي تخاطب الغرائز وتسجن المناصرين في سجن التأليه الشخصي، فإن الأداء إلى الآن لم يثبت كفاءة تسمح بالقول بأن الصهر قد اكتسب مشروعية أو مصداقية، تقيه الأيام العجاف، والخلاصة أن باسيل لم يتخط مرتبة النسخة التايوانية عن عون.

من استمع إلى باسيل وهو يحاول أن يتغدى خصومه قبل أن يتعشوه، ادرك أن آخر محاولات التضليل والإقناع التي تترافق دائماً مع الخطاب العوني قد أسقطها باسيل بالضربة القاضية، وربما يكون هذا الخيار الوحيد المتاح، بعدما تآكلت المصداقية منذ ما قبل 17 تشرين إلى الحدود التي تسمح فقط بشد عصب من لا زال لديهم القدرة على التصديق، لانعدام القدرة على التحليل أو الرؤية.

خاطب باسيل النواة المتمسكة بالجنرال باعتباره المخلص، وبغض النظر عن طبيعة هذا الخلاص، الذي انتهى إلى مآس لم يشهد لها لبنان مثيلاً، فإن ما قاله يدل على أنه يلعب الورقة الأخيرة، قبل نهاية عهد الجنرال.

وبالفعل فقد انطلق من البداية التي اعتمدها عون في العام 1988 أي معادلة أن كل ما هاجمت سمير جعجع كلما ربحت أكثر، فالمسيحيون وفق ما اختبر عون أو الاكثرية منهم، تصبح عمياء تلقائياً، عندما ترن لها جرس الانذار ملوحاً بتاريخ جعجع و”إجرامه”.

عندما تنعت جعجع بالجريمة، لا تهتم بناء للتجربة العونية، إلى تأييدك لمقتل الضابط سامر حنا، ولا تهتم لأنك كنت رأس حربة في مواجهة المحكمة الدولية، التي تنظر باغتيال رفيق الحريري والياس المر، ومروان حمادة. لا تهتم لأن الغبار الذي ستثيره في الوسط المسيحي، قادر أن يغطي على كل ما تفعل، ولو كان قبيحاً.

وعندما تهاجم جعجع “الميليشياوي”، وفقاً للخبرة العونية، يمكنك أن تتحالف مع حزب الله، لأن سلاحه في صنعاء وبغداد ودمشق لمقاومة إسرائيل، ويمكنك أن تؤيد السابع من أيار، وتعتبر أن القطار أصبح على السكة، ويمكنك أن تهدد وسام الحسن “بالتفحيم”، ولا بأس من أن تدعي في صيدا بأنك تعرضت لمحاولة اغتيال، ولو أن هذه المحاولة لم تكن إلا من بنات أفكارك.

وتبعاً للخبرة العونية بنسختها الأصلية والتايوانية، التي يمثلها باسيل، فلا بأس من تصدر كتاباً عن الإبراء المستحيل تدين فيه السنيورة والحريرية، ولا بأس أيضاً من أن تلحس هذا الكتاب وتخفيه تحت تاسع أرض حيث يرقد إلى جانب الكتاب الشهيد الآخر “برنامج التيار للعام 2005 ، فلكل تحالف كتاب وإن كان مناقضاً للكتاب الشهيد.

وتبعاً للخبرة العونية، التي لا تنتهي فصولاً، يمكنك بكل بساطة أن تتهم رموز الطائفة السنية بالداعشية وآخرهم تمام سلام، لكنك وبعد أن تتحاصص معهم الرئاسة والسراي والوزارات، تنصب نفسك وإياهم من أركان الاستقلال والميثاق والعيش المشترك.

وتبعاً للخبرة العونية، يمكنك اتهام وليد جنبلاط بسرقة أجراس الكنائس، فقط لأن مصالحة الجبل رعاها البطريرك صفير، وليس أنت، وحين يعود شهر العسل مع جنبلاط تنسى الأجراس والكنائس، ولا يبقى عند من يصدقونك إلا الضغائن فيما أنت وبيك المختارة تشربون الأنخاب.

تبعاً للخبرة العونية التي لا تنتهي، يمكنك التفاهم مع نبيه بري على تقاسم التعيينات في كل الدوائر والوزارات والادارات، ويمكنك فيما بعد ان تصفه بالبلطجي، لتعود وتنعم معه بأحضان اللوائح الانتخابية المشتركة، معللاً لمن يصدقون كل ما تقوله، بان هذا التحالف انتخابي وليس سياسياً. جميل هذا المشهد: علي حسن خليل يقول عن باسيل أنه حرامي، وباسيل يرد بالمثل،ثم تتشكل لائحة تحالفية ممن وصفوا بعضهم باللصوص، وتطلب ثقة من يصدقون ما لا يصدق، فمتى سيتوقفون عن التصديق.

إذا لم تستح فيمكنك أن تكون نسخة بكل الألوان.

اذا لم تستح فأنت جبران باسيل.

 

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us