سلاح “الحزب” قوّض الثورة.. ونواب التغيير “سقطوا” في المجلس!


أخبار بارزة, خاص 16 تشرين الأول, 2022

كتب أنطوني الغبيرة لـ”هنا لبنان”:

ثورة 17 تشرين الأول 2019 حاكت قلوب مواطنين عاشوا ظلم حُكّامٍ على مدار سنواتٍ. كيديّة في أخذ القرارات أوصلت الشعب إلى الإنتفاضة على واقعه الصعب ومواجهة المُسبّب، غافلاً عن أنّ خياراته الديمقراطيّة بالإنتخابات أوصلت الحكّام أنفسهم إلى مراكز القيادة. بعد ثلاث سنوات من شرارتها هل أصبحت اليوم ثورة تشرين ذكرى جميلة لبداية مستقبل لبنان الجديد؟
معظم شباب لبنان إجتمع وتوحّد بعيداً عن الإنتماءات الطائفيّة والمذهبيّة حتّى أنّ المسافات الجغرافيّة لم تشكّل عائقاً أمامه ليشعل راية الأمل في وطنٍ مهزوم؛ ذاك الشباب نفسه وحّد صرخة وجعه للحصول على غدٍ أفضل، هاجم المنظومة، حدّد الفساد من خلال إرادة حقيقيّة لتغيير واقع 30 سنة فساد وسرقات.
في 17 تشرين تعززت الديمقراطيّة، وترافق وجع الشعب مع إنهيار الوطن ووصوله إلى جهنّم؛ فالصرخة والغصّة لم تكملا مسيرتهما الحقيقيّة.
وللإحاطة أكثر حول هذا الموضوع تواصلنا في “هنا لبنان” مع الصحافي والمحلل السياسي خيرالله خيرالله، الّذي أشار أنّ عملياً الثورة إرتدّت بنتائجها على المواطنين؛ فقد تناولت أمور محقّة كرفض النظام والمنظومة الفاسدة والعهد بإنجازاته الوهمية لكن لم يكن لديها عقل سياسيّ حقيقيّ ليديرها!
مع غياب العقل السياسي للثورة لم تُحدد المشكلة الحقيقيّة في لبنان والتي هي سلاح حزب الله الذّي كرّس معادلة “السلاح يحمي الفساد” بحسب خيرالله. من هنا يظهر قصور في تقدير خطورة ما يجري في البلد وغياب أيّ تحديد للمشكلة الأساسيّة “فالثوار بمعظمهم هواة للسياسة وتنقصهم الخبرة”.
مُضيفاً، المشكلة الأساسيّة هي الوعي السياسي الّذي كان غير موجود. لذا هناك جهات إستغلت الثورة لمهاجمة النظام المصرفي وتدميره، الأمر الّذي دمّر العمود الفقري للإقتصاد اللّبناني ولا يمكن الإغفال عن التأثيرات السلبيّة لحكومة حسان دياب على الأوضاع اللّبنانيّة.
بدوره أشار المحامي والعضو المؤسس في المرصد الشعبي لمحاربة الفساد علي عبّاس، إلى أنّ الثورة ليست حزباً أو تنظيماً واحداً، بل هي شعبيّة ومؤيّدوها لديهم آراء وتوجهات مختلفة. الّذين وصلوا إلى المجلس رؤيتهم التغييرية قد تكون مختلفة عن باقي الثوّار، ورغم ذلك فوزهم هو نجاح للثورة، لأن أولّ مرّة يحدث هذا الأمر في لبنان.
وأكمل، الثورة ليست بالضرورة أن تكون تصاعديّة فهناك ظروف مرّ بها البلد غيّرت أوضاع الشعب بعد الإنهيار الّذي حصل، فأصبح همّ المواطنين تأمين معيشتهم، كلقمة عيشهم وأقساط أولادهم ناهيك عن الإحباط والإحساس بعدم القدرة على التغيير وهجرة مناضلين كثر. هذه الأمور أثّرت بمسار الثورة لكن لا تعني فشلها.
بينما أشار خيرالله الى أنّ نتائج الإنتخابات النيابيّة الأخيرة لم تظهر نسبة وعيٍ كافٍ لدى الأفراد رغم فوز نواب تغيريين فالأمور لم تتحسّن، ولم تظهر نتائج حقيقية ملموسة في الوطن بسبب الثورة. وأردف، إستغلت المنظومة الفاسدة وحزب السلاح هذه الثورة للإمعان في تهديد مؤسسات الدولة اللبنانيّة وما تبقّى من بنى تحتيّة في لبنان.
خيراللّه الّذي يؤيّد الثورة يعتبر أنها بحاجة الى تحديد الأهداف والبدائل، المشكلة ليست الفساد في لبنان، بل هي من يحمي الفساد وهدر المال العام. الثوّار ذهبوا الى النتائج وتغاضوا عن الأسباب!
وختم خيراللّه، حول التشرذم الحاصل بين المعارضة وقوى التغيير حول عدم الإتفاق على إسم رئيس جمهوريّة موحّد؛ مُعتبراً أنّ التشرذم الحاصل هو الى حدّ كبير جداً، وبهذه الطريقة لا نستطيع مجابهة المشكلة الأساسية الحاصلة في لبنان والّتي تتجلّى ببرنامج سياسي وأجندة واضحة: تحويل لبنان إلى ورقة إيرانية.
بينما اعتبر المحامي علي عبّاس أنّه بلحظة معيّنة ستعود لحظة الوعي عند الشعب وإدراك أن المنظومة الفاسدة لا تزال متماسكة نوعاً ما، لذا ستنفجر الثورة من جديد وسيكون هناك قدرة على التعلم من الأخطاء التي ارتكبت لأنه لم يكن هناك قدرة على التنظيم في السابق، لأن المجموعات فوجئت بهذا الكمّ من الناس. اليوم نقوم بإعادة التنظيم من جديد للوصول الى اللحظة التاريخية الجديدة!
من جهته أكّد الناشط السياسي والباحث في الإصلاح الإداري رائد عبد الخالق، أنّ علينا التفرقة بين مضمون ومبادئ 17 تشرين. الذي تجلّى بمثالية القيامة للوحدة الوطنية والإتحاد المجتمعي على اختلافه بمواجهة فساد المنظومة.
وبدوره أشار الى أنّه لم يكن هناك قدرة للقوى الناشطة من تنظيم الثورة الشعبيّة، من هنا تكمن القضية بأن توصف ثورة 17 تشرين بالفشل، وهذا ليس له علاقة بمبادئها أو أهدافها السامية؛ والتي عملت المنظومة على تفكيكها وتجريدها من سلاح القوة السلمي لقاعدتها الشعبية. جوبهت الثورة بكل أنواع القوة والضغوطات والتعمد على عدم تقديم أي من الحلول.
وأضاف عبد الخالق، إلى عدم قدرة الثورة على تنظيم نفسها أو كودرتها بحزب أو مجموعة لأنه كان هنالك رفض شعبي للإنتماء لأي حزب على غرار الآمر المأمور، انما لا يمكننا تجاهل الإمكانيات التي بذلت من الناشطين الوطنيين لتحقيق العدالة الاجتماعية وتقديم التضحيات الجمة من شهداء وجرحى!
خاتماً، هنالك إعادة تقييم لثوار 17 تشرين بعد أن تبلورت معطيات لها علاقة بالمزاج الشعبي والتي قرأت نتائجه عند بعض الاستحقاقات والتحالفات.
ثورة الوجع لا تُمحى وثورة النضال لا تُلغى! سيذكر التاريخ 17 تشرين علّه يكون عبرة لثورة أكبر تُلغي منظومة غطرسة بحُكمها على شعبٍ زعزعها لكنّه لم يُزلها!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us