من فوق لتحت ومن تحت لفوق

من فوق، من شاشة عملاقة منصوبة في ملعب مقفل، حكى و”تمرجل” وتوعّد وهدّد وصرخ ونطق بـ 6675 كلمة في ساعة و18 دقيقة وخمسين ثانية.

كتب عمر موراني لـ “هنا لبنان”:

فوق ما نحن عليه من فقر ومن يأس ومن فشل ومن إحباط ومن عجز ومن “تعتير” ومن “شحار” يطلع من يعِدنا بحرب إقليمية وقابلة للإمتداد إن لم نتمكّن من استخراج نفطنا.
فوق ما اختبرناه من حروب منعشّة للإقتصاد ومحفّزة للإستثمار هدد المرشد الأعلى للجمهورية اللبنانية الممانعة الأميركيين بصريح العبارة: “إذا امتدت يدكم إلى شعبنا من خلال الفوضى سنمد أيدينا وسلاحنا إلى اليد التي تؤلمكم وهي إسرائيل”، واللازمة المفتقدة: يا قدس قادمون.
فوق غرقنا في مستنقعات أيامنا النتنة، وفوق حرماننا من روائح البصل وطعم القريشة، يطل علينا من فوق، بفوقية القابض على مصيرنا وحاضرنا ومستقبلنا مستهلًّا بتمجيد النظام الإيراني والحراك المليوني للشعب الإيراني العزيز المؤيد للنظام، في وقت يتجاهل الإعلام الغربي التظاهرات التي تكبر القلب مركّزاً على أعمال الشعب. والأمر نفسه ينطبق إن سارت تظاهرات مليونية مؤيّدة لكيم جونغ أون، وخرج نفرٌ من المشاغبين ضد الديكتاتور الأرعن. سيركز الغرب على من يتحدّون سلطة الطواغيت ولو كانوا مئة أو مئتين أو ألفين.
فوق ألم الناس على ضحاياهم في سوريا، طلع مرشدنا، المنتصر دائماً، ليتّهم الأميركيين باللاإنسانية وبالإجرام في التعاطي مع مآسي الزلازل، خُيّل إلى السامعين الكرام أن الجنرال ماكينزي منع وصول طائرات المساعدات إلى مطاري دمشق ورفيق الحريري وأوعز إلى قوّاته بمحاصرة مرفأ اللاذقية مانعة وصول فرق الإنقاذ من الصين وسائر العالم. بلاء العالم أصله أميركا. ألف رحمة على مفجري السفارات والساحات ألف تحية لروح بن لادن.
وفوق الوجع السنوي على غياب رفيق الحريري، عزّى المرشد الأعلى بالحريري ورفاقه، فترك في النفوس انطباعاً أن سليم عياش هو بالفعل من القديسين الأحياء، وتطويبه مسألة وقت.
وفوق ثقافته الموسوعية في السياسة الأميركية، مطابخ ومؤامرات، وفي الحروب البحرية والبرية، وفي تصنيع المسيرات، وفي فقه الدستور، وفي علم الجيولوجيا، وفي الإقتصاد، وفي القضاء العدلي، وفي السياسات المالية… فوق كل هذا عاد إلينا بفكرة حداثوية: إلى الزراعة در. من البلكون وجرّ. نعم للطرافة عنوان.
فوق الممارسة السياسية التعطيلية التي يقودها المرشد وشركاؤه، منذ 29 أيلول 2022 قال “أن لا بد من جهد لانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن”. الوقت معنا، الرغبة موجودة. المهم أن يحلّ الأميركيون عنّا.
من فوق، من شاشة عملاقة منصوبة في ملعب مقفل، حكى و”تمرجل” وتوعّد وهدّد وصرخ ونطق بـ 6675 كلمة في ساعة و18 دقيقة وخمسين ثانية. من تحت إلى فوق كانت الأنظار إليه شاخصة والآذان مصغية وصيحات التكبير مدوزنة. تُرى أليس لدى هؤلاء، من الشخصيات السياسية والدينية والعملانية ومن لا عمل له، تلفزيونات في بيوتهم؟ في البيت شاشة وفي الملعب شاشة والسلام عليكم.

مواضيع مماثلة للكاتب:

عرّاب الأب والابن… والمتن

كبتاغون وكوكا.. وماذا بعد؟

مفتي “الحزب” الممتاز