لن تتحول إلى حرب كبرى


أخبار بارزة, خاص 11 تشرين الأول, 2023

غزة بقيت عملياً وحدها في المعركة، إلا استثناءً لبعض عمليات التحريك، التي قام بها الحزب في الجنوب، والتي لا تصلح لا لإلهاء إسرائيل عن غزة، ولا لمساندة حماس بشكل فعلي

كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:

بعد أربعة أيام على المفاجأة، تسلك المواجهة في غزة، مساراً لا ينبئ بأنها ستتحول إلى خارج أسوار القطاع، الذي كسر الحصار لثلاثة أيام صاعقة، شهدت تحولات استراتيجية، لن تمحى من الذاكرة الجماعية لعشرات السنين القادمة.
في الواقع العملي، لا يمكن تصنيف العمليات التذكيرية التي قام بها حزب الله، بالمباشر في مزارع شبعا، وبالواسطة “الجهاد الإسلامي” عبر الخط الأزرق، بأنها خرق لقواعد الاشتباك المعمول بها منذ العام 2006. فتلك العمليات، بدت أشبه بالعمليات الصوتية، إذا ما قورنت ببركان غزة، الذي هز العالم، وصفع إسرائيل، وحرك أساطيل الولايات المتحدة الأميركية، إلى سواحل تل أبيب.
من يتابع التخطيط الإيراني لعملية غزة، تدريباً وتسليحاً ومواكبة وقيادة عن قرب وعن بعد، يدرك كم أن حجم الاستثمار في تلك العملية كان كبيراً. فلو قيض لطهران أن تكشف مرحلة التخطيط للعملية، لبدا أنّ الحرس الثوري كان الأب والأم للعملية، كل ذلك على خطا قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني، والقائد العسكري للحزب عماد مغنية.
وبما أن هذه العملية، تختلف عن سابقتها من جولات القتال في غزة بشكل جذري، فإن الحسابات الإيرانية، لا بد وضعت احتمال مساعدة حماس من لبنان وسوريا، أو حتى العراق، على طاولة غرفة العمليات. لكن تلك الحسابات لا يبدو أنها ستأخذ طريقها إلى التنفيذ. وهكذا نرى أن غزة بقيت عملياً وحدها في المعركة، إلا استثناءً لبعض عمليات التحريك، التي قام بها الحزب في الجنوب، والتي لا تصلح لا لإلهاء إسرائيل عن غزة، ولا لمساندة حماس بشكل فعلي.
ما يعطل قدرة إيران على مد يد العون لحماس، أسباب كثيرة. أولها أن إيران لا تملك ترف المخاطرة بالانتقال إلى مواجهة كبرى، مع دخول الولايات المتحدة بخطاب رادع داعم لإسرائيل. وثانيها أن إيران اعتادت على استثمار ورقة غزة، في جولات المواجهة السابقة، من دون تحمل مخاطر الاشتراك في تلك الجولات، لأنها تريد الاحتفاظ بورقة حزب الله وعدم استعمالها، إلا عند وجود نية باستهداف إيران نفسها، وهذا ما ليس مطروحاً الآن، إلا إذا اشترك حزب الله في المعركة.
تعرضت طهران لغارات إسرائيلية متواصلة في سوريا لسنوات، ولم ترد. كما تعرضت في قلب طهران، لعمليات أمنية واغتيالات وقصف بالمسيرات ولم ترد، وهي بالتأكيد لن تذهب إلى مخاطرة قد تتعرض فيها لضربات موجعة، ستؤدي إلى إضعاف دورها ونفوذها في المنطقة.
مع اقتراب التوغل البري الإسرائيلي في غزة، تبدو طهران منكفئة عن التسرع في التزام مساندة حماس، ذلك على الرغم من معرفتها بأن نتائج المعركة البرية، قد تصيب الحركة بعطب لا يمكن إصلاحه، لكن جدول الأولويات في هذه المواجهة، تغيرت التراتبية فيه، بعد أن احتل التحذير الأميركي لإيران، المرتبة الأولى.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us