لا رئاسة قبل الانتخابات الأميركية… فهل تقلب التطورات الأمنية المعادلة؟


أخبار بارزة, خاص 11 تشرين الأول, 2023

إيران تعرف حقيقة موقف إدارة بايدن، ورغبته بالاستقرار، تلعب على هذا الوتر تحديداً وتحاول عبر أذرعها العسكرية في المنطقة اعتماد التصعيد، وليست عملية “طوفان الأقصى”، على أهميتها، سوى جزء من هذا النهج

كتب فيليب أبي عقل لـ “هنا لبنان”:

تبدو إدارة الرئيس جو بايدن حريصة على الاستقرار قبل الانتخابات الاميركية في تشرين الثاني 2024 ولا تريد التصعيد لتجنب التداعيات السلبية على المعركة الرئاسية، وقد بدا ذلك جلياً في الموقف الأميركي من الاعتداء على السفارة في عوكر، وفق ما كشف فيادي سيادي. فتبني السفيرة دوروثي شيا رواية وزارة الداخلية اللبنانية، يؤكد أنّ بلادها لا تريد التصعيد، رغم أنّ أوساطاً أميركية حمّلت إيران مسؤولية الاعتداء، لذلك أعلنت شيا بعد الاعتداء أنها غير خائفة وأنّ موظفي السفارة يعملون كالمعتاد. فإدارة بايدن تريد المحافظة على الستاتيكو تجنباً لتطورات دراماتيكية تنعكس سلباً على معركته وعلى مسيرة الاستقرار في المنطقة، وفق ما تؤكد أوساط دبلوماسية.
ولأن إيران تعرف حقيقة موقف إدارة بايدن، ورغبته بالاستقرار، تلعب على هذا الوتر تحديداً وتحاول عبر أذرعها العسكرية في المنطقة اعتماد التصعيد، وليست عملية “طوفان الأقصى”، على أهميتها، سوى جزء من هذا النهج.
ففي لبنان يتمسك الثنائي الشيعي بمرشحه سليمان فرنجية ويدعو المعارضة الى الحوار “للاتفاق عليه”، مقابل رفض المعارضة أي حوار والدعوة إلى انتخاب الرئيس وفق الدستور مع انفتاحها على الخيار الثالث خلافاً لموقف الثنائي الشيعي.
من جهتها، تكشف أوساط عربية مطلعة أنّ الجانبين الأميركي والسعودي، رغم الاهتمام بلبنان، يرفضان التدخل في تفاصيل انتخاب الرئيس لأنها مسؤولية القوى السياسية، إلّا أنهما يريدان رئيساً وفق مواصفات دول الخماسية. لذلك، يدعمان المبادرة الفرنسية ومهمة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان ويؤيدان الحراك القطري وسعيه لإنجاز الخيار الثالث، وإبعاد فرنجية مرشح محور المقاومة، وأزعور مرشح تقاطع المعارضة لصالح مرشح ثالث.
إزاء هذا الواقع، ترى أوساط مراقبة أنّ حال الستاتيكو في لبنان تناسب الجميع. فقوى محور المقاومة، وفق هذه الأوساط، غير مستعجلة لانتخاب رئيس، لذلك تتهم المعارضة بأنها تعطل الاستحقاق لأن لديها مشروعها المدعوم أميركياً لاستهداف حزب الله، رغم دعوات المعارضة لانتخاب رئيس وفق الدستور وسعيها لتحقيق ذلك رافضة الحوار والاتفاق قبل الانتخاب.
 في الموازاة، تضع جهات سيادية مواقف الفريقين في سياق مخطط يرمي إلى “تصفية الدولة” وإعادة تركيبها، بدليل أنّ البلد ذاهب إلى الانهيار من دون كوابح ومن دون حركة إنقاذية جدية من قبل الأطراف. فما تقوم به القوى السياسية يبقى دون مستوى حجم المخطط وفق أوساط دبلوماسية غربية. كما أن حزب الله يلتزم الصمت لأن ما يجري على الساحة يناسب مشروعه بانهيار الدولة، إذ سيعمل عندها على تركيب الدولة التي تناسب مشروعه وأجندته الإقليمية، لذلك يتهم المعارضة بالسعي لانهيار الدولة، مستنداً إلى تصريحات قادتها في تغيير النظام وتعديل الطائف  وإعادة تركيب الدولة القوية لحصرية السلاح بيد الدولة.
أما فرنسا التي حاولت أن تلعب دوراً إنقاذياً في لبنان، فقد اصطدمت بموقف شيعي موحد تحت مظلة الحزب بمواجهة قوى سيادية وتغييرية ومعارضة غير موحدة رغم محاولات توحيد موقفها أقله في الملف الرئاسي. فيما تقول أوساط قواتية أنّ هناك نحو 20 نائباً لم يحسموا أمرهم بعد ولم يتقاطعوا مع المعارضة. فلو حصل ذلك لتم انتخاب الرئيس وسقطت محاولات الحزب لإيصال مرشحه. رغم ذلك فإن عودة مبعوث فرنسا إلى لبنان متوقعة قريباً.
أما في واشنطن فملف لبنان ليس أولوية بعدما خسر دوره والتحق بمحور إيران بضغط من الحزب. تبعاً لذلك، لا تستبعد أوساط سياسية ترحيل الانتخاب إلى ما بعد الانتخابات الأميركية في تشرين 2024. لذلك تؤكد أوساط مطلعة أن لا انتخاب قبل معرفة هوية رئيس البيت الأبيض ومسار التطبيع السعودي الإسرائيلي ورد فعل إيران عليه، وما إذا كانت طهران ستجند أذرعها العسكرية لمواجهة الخطوة واعتماد التصعيد في لبنان وغزة وسوريا والعراق وداخل إسرائيل، وهذا ما حصل فعلاً مع عملية “طوفان الأقصى”.
كما تؤكد أوساط دبلوماسية أنّ الانتخابات الرئاسية قد رُحِّلت إلى ما بعد الانتخابات الأميركية لغياب التوافق اللبناني. وفي السياق يقول سياسي عربي “لا انتخابات في لبنان قريباً إلا إذا حصلت خضة أمنية كبيرة في المنطقة قد تدفع باتجاه انتخاب رئيس، لذلك يجب تحويل الاستحقاق في لبنان من أزمة سياسية إلى قضية وجودية وطنية تطرح في المحافل الإقليمية والدولية”.
إنّ ما يجري من تطورات دراماتيكية بين الإسرائيليين وحركة حماس يخشى أن يمتد إلى جنوب لبنان إذا قرر الحزب الدخول في المواجهة وتوسيع نطاق صواريخه تنفيذاً لقرار “توحيد الساحات والجبهات”، ما قد يخلف تداعيات واسعة على الملف اللبناني الرئاسي ويقلب الأمور رأساً على عقب. وقد حذرت جهات غربية الحزب عبر التواصل الدبلوماسي من خطورة التورط ونقلت تهديداً إسرائيلياً واضحاً بأن ردة الفعل ستكون “مزلزلة” على لبنان.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us