بين حقل قانا “الإفتراضي”… ونظريات المؤامرة!


أخبار بارزة, خاص 19 تشرين الأول, 2023

كل من يتحدث عن نظرية مؤامرة مفادها أنّ “توتال” كانت تعلم بفراغ البئر ولم تخبرنا، هو أمر غير جدّي ومستبعد، وكذلك ما يقال عن أنّ كاريش استحوذ على كل الغاز، فحقل كاريش ليس لديه امتداد يتصل بحقل قانا “الافتراضي”

كتبت يارا الهندي لـ “هنا لبنان”:

بعد توقيع اتفاقية الترسيم البحري، أغدقت السلطة على اللبنانيين بالوعود بأنّ الغاز موجودٌ في المياه الإقليمية وتهافت المسؤولون لإقرار صندوق لعائدات النفط والغاز. وعود وتكهنات ما لبثت أن انضمت إلى سابقاتها كالكهرباء 24/24.. ولكن مع تحديد الكميات والإيرادات المتوقعة!
في عمليات الحفر إجمالاً، الإخفاق وارد، ولكن من باع اللبنانيين أوهام الكهرباء لسنوات ألم يكن يجب أن يتريّث وينتظر النتائج قبل أن يعلن لبنان بلداً نفطياً ويعلّق آمال اللبنانيين مجدداً بحبال وهمية؟

فقد أكّد مصدرٌ رسمي متابع لعمليات الحفر والاستكشاف في البلوك رقم 9 لـ “هنا لبنان” أنّ نسب نجاح الاستكشاف في أي محاولة حفر لا تتجاوز 17 إلى 20% في أفضل الحالات بحسب المعايير الدولية، وحتى الآن جرت محاولة حفر أولى في مكان واحد فقط، وبالتالي، من المتوقع ومطلوب إجراء عملية حفر في ثلاثة أو أربعة أماكن مختلفة داخل البلوك 9 الذي تبلغ مساحته 1742 مترًا مربعًا.
وفي تفاصيل العملية وفق المصدر، يتم تجميع الغاز عادة داخل خزان طبيعي تحت سطح البحر، ويُتوقع أن يحتوي الخزان الذي استهدفه الحفر بطبيعة الحال على الغاز. وما حدث هو أنّ الطبقة الملحيّة التي تعمل عادة على حماية الغاز تحت المياه لم تكن موجودة في هذا الموقع، وبالتالي لم يتجمّع الغاز.
في الأثناء، قامت شركة توتال بإرسال كتابٍ رسميٍ إلى الحكومة اللبنانية لإبلاغها ببدء عملية إغلاق البئر التي تم حفرها باستخدام الإسمنت، وذلك في إطار الإجراءات البيئية المتفق عليها عالميًا. من المتوقع أن تنسحب الحفارة التابعة لشركة Trans Ocean من المياه الإقليمية اللبنانية خلال الأسبوع الحالي، علماً أن التحالف الدولي المؤلف من توتال الفرنسية وقطر للطاقة وإيني الإيطالية لديه حتى شهر أيار 2025 لإعادة الحفر في مكان آخر من البلوك رقم 9.

ماذا عن البلوكين 8 و10؟
المفاوضات لا تزال قائمة في البلوكين 8 و10 وستقوم الجهات المعنية بعملية التفاوض، والإسراع باتخاذ الخطوات العملية، إلّا أنّ المصادر الرسمية تقول “يجب أن نتوقع أن لا تنتهي هذه المفاوضات قبل مرور عامين على الأقل”.

أما في ما يتعلق بتفاصيل عمليات الحفر وإمكانية استكمالها في السنوات المقبلة، تؤكد المديرة التنفيذية للمبادرة اللبنانية للنفط والغاز ديانا القيسي في حديث خاص مع “هنا لبنان”، أن مياه البحر المتوسط عميقة وفيها ترسبات ملحية أي طبقات من الملح بحدود الـ700 متر، والتي تساهم في حجب الرؤية كي تستطيع المسوحات الزلزالية بإعطاء صورة دقيقة.
وبات من المعروف لدى الخبراء، بحسب القيسي، أن نسبة الحفر وفرضية وجود الغاز لا تتعدى الـ20% ولا يجب أن نتفاجأ بفراغ البئر. فشركة توتال تستثمر بما لا يقل عن 110 مليون دولار، فضلاً عن ما يسمى بـReal Time observation أي كاميرات تراقب بالطريقة الحيّة وتبث لهيئة إدارة البترول مع مدقق يفسر لهم دقيقة بدقيقة ما يجري.
فكل من يتحدث عن نظرية مؤامرة مفادها أنّ “توتال” كانت تعلم بفراغ البئر ولم تخبرنا، هو أمر غير جدّي ومستبعد، هذا ما أكدته القيسي مضيفة أنّ ما يقال عن أنّ كاريش استحوذ على كل الغاز مستبعد أيضاً، فحقل كاريش ليس لديه امتداد يتصل بحقل قانا “الافتراضي”.
والأهم من ذلك، تلفت القيسي إلى أن الخطأ نفسه تكرر في البلوك رقم 9 كما في البلوك رقم 4، ولم ننتظر الخبر الصحيح الموثوق من الشركة وهيئة إدارة البترول أو وزير الطاقة، فسارعنا لإعلان النتائج.

ما هي الخطوات المنتظرة؟
بالنسبة للبلوك رقم 4، على توتال حتى نهاية هذا الشهر، أن تقرر، إن كانت ستكمل في هذا البلوك المرحلة الاستكشافية الثانية المسموح لها بحسب العقد، ولكن عليها أن تتخلى عن 25% منه وتحدد أي 75% تريد أن تحتفظ بها، فضلاً عن تقديم خطة عن تاريخ الحفر داخل هذه البئر. وإذا أرادت التخلي عنه عليها أن تعيده بالكامل إلى الدولة اللبنانية التي بدورها ستعرضه خلال المناقصات أو جولة التراخيص الجديدة التي من المفترض أن تقوم بها.
كذلك، وبدءاً من اليوم حتى شهر أيار 2025، على توتال أن تقرر إذا كانت تريد الاحتفاظ بـ75% من البلوك رقم 9، واختيار عن أي 25% تريد التخلي.

أخيرًا وليس آخرًا، بالنسبة للبلوكين رقم ٨ و١٠، واللذين قدم عليهما “الكونسورتيوم” نفسه، أي توتال وإيني وقطر أنرجيز، لم نعرف بعد من هو المشغل، ولدى مراجعة العرض تصدر التوصية لوزير الطاقة ليراجعها، ويسلمها لحكومة تصريف الأعمال للبت فيه، علماً أنه على الأرجح لا يحق للحكومة إعطاء التراخيص، لأنّ على المجلس أي يكون فاعلًا وجديدًا.
وتمنت القيسي أن لا تكون العروض المقدمة من البلوك 8 و10 مجحفة، حيث يجب دراستها والتمهل فيها والجدير ذكره في الختام أن الحفر في أي بئر وعدم وجود غاز فيها، لا يعني أن البحر لا يوجد فيه غاز، بل المكان المخصص للحفر لا يوجد فيه.
فمن المؤكد أن البحر المتوسط يحتوي على الغاز إلا أن الأمر سيستغرق وقتاً، ولحينها على السياسيين وضع خطط إصلاحية لتأهيل كل مؤسسات الدولة لتستقبل وتتعامل مع هذا القطاع الثمين بطريقة صحيحة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us