حسابات “طوفان الأقصى” تجري في البيت الأبيض.. التسوية ربح لبايدن


أخبار بارزة, خاص 28 تشرين الأول, 2023
الأقصى

الظروف الداخلية تختلف تماماً عما كانت عليه عام 2006، فالشعب اليوم يعيش أزمة مالية اقتصادية اجتماعية ومعيشية خانقة ولا يمكنه تحمل تبعات الحرب


كتب فيليب أبي عقل لـ “هنا لبنان”:

تذهب عملية طوفان الأقصى أبعد من حدود فلسطين، وأبعد من اشتعال جبهة لبنان الجنوبية والخوف من جرّ لبنان إلى أتون المعركة تجري الحسابات الإقليمية والدولية، وأبعد من هزائم العرب العاجزين عن إصدار مجرد بيان ختامي لقمة أطلق عليها شعار السلام تتخذ إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية خطواتها.
فللعمليات العسكرية المستمرة في غزة حساباتها التي تصل إلى البيت الأبيض وحسابات الرئيس جو بايدن الانتخابية. وتبعاً لذلك، تقول مصادر دبلوماسية أنّ واشنطن وعلى رغم لهجة بايدن العالية السقف في إسرائيل، تدفع في اتجاه توظيف عملية الأقصى والحرب المستعرة في الانتخابات الرئاسية بحيث يستخدمها بايدن ورقة قوة في معركته، فيمارس الضغط لتحقيق هدنة إنسانية يتبعها وقف للعمليات العسكرية. وعند ذلك،وفق ما يؤكده دبلوماسي غربي، تبدأ مرحلة المفاوضات باتجاه التسوية وصولاً إلى الاستقرار، وهو هدف بايدن قبل نهاية العام.
كما يرى خبير عسكري أنّ حرب السابع من تشرين الأول ستكون آخر حروب المنطقة، وستقود إلى السلام الشامل والعادل. وتكون بذلك عملية “طوفان الأقصى” رمية من غير رامٍ، أي أنها بدأت بعنوان وتنتهي بآخر، لذلك، فالأساطيل الأميركية الموجودة في المنطقة هي لتحصين السلام وحماية التسوية وليست لحماية إسرائيل..
وفي وقت ترفض إسرائيل أي وقف لإطلاق النار قبل أن تسجل انتصاراً عسكرياً يعيد لمخابراتها وجيشها الاعتبار، أبلغ مسؤول أمني سابق مسؤولين أميركيين وأوروبيين بعد تنفيذ حماس عملية “طوفان الأقصى” وإلحاق هزيمة عسكرية بإسرائيل، رسالة واضحة مفادها أنّ حزب الله لن يدخل المعركة إلا إذا دخلت إسرائيل غزة وساندتها القوات الأميركية. وجاء الموقف هذا على إثر تهديد إيران بدخول فصائل الممانعة وحزب الله المعركة لمواجهة إسرائيل.
وفي سياق متصل، تكشف أوساط دبلوماسية أنّ السفيرة الأميركية، التي قطعت إجازتها، نقلت إلى الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي رسالة أميركية مفادها “أنّ أيّ اعتداءٍ على إسرائيل من الجنوب يتحمّل لبنان وحزب الله مسؤوليته وسيكون الرد الإسرائيلي مدمراً”. كما سبق لوزير الدفاع الإسرائيلي أن حذّر لبنان من أيّ مغامرة، “في حال تم فتح جبهة الجنوب فإننا سنعيد لبنان إلى العصر الحجري”.
إزاء هذه المعطيات، ينقل وزير سابق “أنّ زوار لبنان والدبلوماسيين المعتمدين فيه طالبوا المسؤولين بعدم توريط لبنان في المعارك ومنع الحزب من استخدام الجنوب الذي هو تحت المظلة الدولية وبحماية القرار 1701، وبالتالي على لبنان الالتزام بمنطوق القرار وعدم خرقه. لذلك سارع الرئيس ميقاتي إلى التنصل من المسؤولية مشيراً إلى أنّ قرار الحرب والسلم ليس لدى الحكومة، في إشارة إلى أنه لدى حزب الله ومحور الممانعة.
فيما اعتبر دبلوماسي غربي أنّ حزب الله تنظيم مسلح، لديه مقاتلون مدربون يتصرفون كجيش محترف، ودخول الحزب المعركة قد يدفع القوات الأميركية لمساندة اسرائيل.
في المقابل يؤكد سياسي في المعارضة أنّ الهاجس المرادف لطوفان الأقصى وتداعياته هو دخول الحزب المعركة، لأنه وفق خبير عسكري سينقلها إلى داخل إسرائيل بعد الخبرة التي كسبها مقاتلوه في حرب المدن في سوريا منذ عام 2011 فمنع النظام من الانهيار بوجه الثورة والإرهابيين. ويضيف أنّ ما يقوم به الحزب في الجنوب ومعه فصائل محور الممانعة، هو خرق للقرار 1701وقد هددت دول مشاركة في اليونيفيل بالانسحاب منها، وهذا الخرق يؤدي إلى إضعاف موقف لبنان في مجلس الأمن. لذلك يسعى الحزب إلى التوتير وإشغال ثلث قدرات جيش إسرائيل في الجنوب. ويتولى إعلام الحزب من جهته، وفي سياق تبرير عدم الانخراط في المعركة، حملة تجييش إعلامية لتعبئة البيئة الحاضنة تحضيراً لخطوة المشاركة في المعارك إذا اضطر الحزب إلى ذلك بدخول إسرائيل غزة أو بمساندة القوات الأميركية إسرائيل.
ويشكّل مؤشر اطمئنان، ما ينقله قيادي لبناني عن مسؤول عربي قوله أنّ “هناك وعداً إيرانياً نُقل إلى السعودية بعدم دخول الحزب المعركة لإبعاد لبنان عن تداعياتها وتدميره كما هددت إسرائيل ونظراً للظروف المأساوية التي يعيشها لبنان في ظل أزمة سياسية خانقة، إذ لم يتمكن من انتخاب رئيس حتى الآن”. كما ينقل سياسي اجتمع مع وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان عندما زار لبنان قوله “إنّ حماس صامدة ووجهت لإسرائيل ضربة موجعة، مؤكداً أنّ الحزب لن يشارك في المعركة لأنه الورقة القوية ولن نفرط بها”. بالإضافة إلى ذلك، ينقل سياسي في 8 آذار عن مسؤول في حزب الله قوله “أنّ حماس صامدة، والحزب يدرس مقتضيات المرحلة”.
وفي المقابل، تؤكد أوساط وزارية أنّ الاتصالات التي تجري مع الحزب مباشرة أو بالواسطة من قبل مسؤولين أميركيين وفرنسيين وأوروبيين وعرب تحذر من خطورة المغامرة، حتى أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دخل بنفسه على خط الاتصالات مع حزب الله.
عدا عن ذلك، فالظروف الداخلية وخصوصاً الاعتراضات لا سيما داخل بيئة الحزب لجهة عدم دخول المعركة، تختلف تماماً عما كانت عليه عام 2006، فالشعب اليوم يعيش أزمة مالية اقتصادية اجتماعية ومعيشية خانقة ولا يمكنه تحمل تبعات الحرب، كما عبّر سياسيون كثر عن رفض عارم لهذه الخطوة. وبناءً على ذلك، يبقى الحزب في مرحلة المراقبة والدرس والتقييم، خصوصاً أنّ الدعم العربي الذي لطالما ساند لبنان تبخّر، كما المساندة الدولية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us