اللبناني إلى الموقدة والصاج در


أخبار بارزة, خاص 11 كانون الثاني, 2022

كتبت نور الهدى بحلق لـ “هنا لبنان” :

ظهرت الموقدة عندما اكتشف الإنسان النار، ويحتمل أن يكون ذلك قد حصل قبل أكثر من مليون سنة حسبما استخلص بعض العلماء من اكتشاف بقايا موقد في كهف “وندرويرك” في جنوب إفريقيا. ولكن إجماع العلماء يقتصر على التسليم بأنّ الإنسان عرف طهو الطعام على النار قبل 400.000 سنة، وتأكّد ذلك بفعل اكتشاف كثير من الحفر المحتوية على بقايا الحطب المحروق المختلطة بعظام الحيوانات.

وفي لبنان ها نحن نعود إلى تلك الأيّام بوجود طبقةٍ حاكمةٍ أعادتنا إلى السنديانة والطبخ على الحطب والمراسلة بالحمام الزاجل.

فنتيجةً لسياسات الدعم غير المدروسة تضاعفت الأسعار بشكلٍ كبيرٍ وخياليٍّ بينما بقي الحد الأدنى للأجور على حاله، حتّى أصبح يعادل سعر صفيحتي مازوت أو جرتي غاز.

الأمر الذي دفع العديد من اللبنانيين وخصوصًا أولئك الذين يقطنون القرى الباردة إلى قطع الأشجار للحصول على الحطب للتدفئة، وتحضير الموقدة للطبخ وتسخين المياه، والصاج على الحطب لإعداد الخبز… في ظلّ الانقطاع الدائم للكهرباء، وغلاء سعر قارورة الغاز، وطبعاً غلاء سعر صفيحة المازوت. فقضوا بذلك على ما تبقّى من غابات لبنان ومساحاته الخضراء، بعد أن كانت الحرائق قد تكفّلت بالقسم الأكبر منها، وبذلك الأشجار المعمرة في بعض المناطق اللبنانية لم يبقَ منها سوى جذوعها.

مشكلة قطع الأشجار وتجريف الغابات واحدةٌ من أكبر المشكلات التي تهدّد المناخ في عالمنا وليس لبنان فقط، يؤدّي قطع الغابات إلى نقص المساحة المزروعة، وتقليل امتصاص ثاني أوكسيد الكربون وقطع مصدر الأوكسيجين، زيادة ظاهرة التصحر، بالإضافة إلى المساهمة وتعميق الاحتباس الحراري وتلوث المياه الجوفية.

وفي حديثٍ لموقع “هنا لبنان” مع رئيسة جمعية إنسان للبيئة والتنمية السيدة ماري تيريز مرهج سيف، أوضحت أنّ قطع الأشجار في لبنان يؤدي إلى كارثة طبيعية وأضافت أن عملية قطع الأشجار تؤدي إلى تقلص مساحة الغابات والتي تمدّ الكرة الأرضية بكمياتٍ كبيرةٍ من الأوكسيجين. وأوضحت أنّ جذور الأشجار تعمل على تثبيت التربة وعندما يتمّ قطع الأشجار الكبيرة يمكن أن يحدث ذلك انجرافًا في التربة. كما تخوّفت سيف من إمكانية مواجهة التصحر.

وشدّدت سيف على ضرورة معالجة مشكلة الحرائق التي واجهها لبنان في السنوات الأخيرة حيث كانت المساحة الخضراء في لبنان تشكل ٢٠% من مساحة أراضيه أما اليوم هي أقلّ من ١٢%، والمحميات اليوم في خطر وهذه المشكلة من مسؤولية الدولة. وأضافت أن بعض الحرائق التي حصلت هي حرائق مفتعلة.

أمّا عن كيفية مواجهة قطع الأشجار قالت أنّه من واجب الإعلام التركيز على وعي الأفراد بمخاطر قطع الأشجار، ودعم البلديات لمشاريع الطاقة الشمسية لأنّها الحل الأنسب اليوم ولو أنّ الأمر مكلفٌ ولكن هناك جمعيات تساعد بهذا الأمر. وختمت بالقول أنّ المواطن لا يستطيع تحمّل أكثر من طاقته خاصة في الوضع الاقتصادي المعيشي الصعب الذي نمر به.

وفي جولةٍ في إحدى مناطق جرود جبيل كان لـ “هنا لبنان” لقاء مع أحد الحطابين وتبين فيما بعد أنّه عسكري في الجيش اللبناني لم يعد يكفيه راتبه كعسكري واضطرّ أن يتّجه نحو قطاع قطع الأشجار للإستفادة من المردود المادي. وعند سؤالنا حول سعر طن الحطب أفادنا أن سعره يتراوح بين المليوني ليرة لبنانية إلى ثلاثة ملايين حسب المنطقة والنقليات وحسب طريقة تقطيعها، وأضاف أنّ الأسعار ترتفع اطّرادًا مع ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء.

وعند سؤاله عن موضوع قطع الأشجار بطريقة عشوائية، أجاب أنّ كلّ ما يحصل في البلد عشوائي وغير قانوني، “شو وقفت علينا! الدولة لم تقدم لنا أي مساعدة اجتماعية ولا أي دعم مادي، فهذه الدولة لا تحترم المواطن”.

وحول الأضرار التي ممكن أن يسببها قطع الأشجار، قال: “كيف نعيش؟ أنا عسكري ومعاشي لا يكفيني ليومين هل أترك أولادي جائعين؟ وغيري الكثير من المواطنين الذين هم بحاجة للتدفئة بأسعار مقبولة، فتنكة المازوت تساوي نصف معاشي أين هي الدولة؟”

الطبيعة في خطر والمواطن في خطر، وعلى الدولة تقع مسؤولية حل هذه الأزمة وايجاد حلول في أسرع وقت نظراً للأزمة الصعبة وتفاقم الوضع فكلّ ما يحدث هو عكس الطبيعة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us