بعد التوقف القسري … الجامعة اللبنانية إلى أين؟ 


كتبت نور الهدى بحلق لـ “هنا لبنان” :

جامعة الوطن ليست بخير، الجامعة اللبنانية في خطر وعلى طريق الزوال بسبب السياسات الخاطئة التي يعتمدها مسؤولو هذا البلد، التعليم العالي حاله كحال البلد على حافة الانهيار بسبب الإهمال والفساد المستشري في أنحاء هذا الوطن. لقد أثرت الأزمة الاقتصادية في لبنان سلباً على القطاع التربوي بشكل عام والتعليم العالي بشكل خاص، ممّا أدى للعودة إلى التوقف القسري عن القيام بكافة الأعمال الأكاديمية في الجامعة اللبنانية منذ مطلع هذا الأسبوع بتاريخ (١٤ آذار ٢٠٢٢).

التوقف القسري عن التعليم في الجامعة اللبنانية كان له عدة أسباب بحسب ما صرحت به أستاذة العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية الدكتورة تيريز سيف لـ “هنا لبنان” حيث قالت أن “السبب الرئيسي والأهم هو الموازنة الخاصة بالجامعة اللبنانية. منذ حوالي الخمس سنوات ومع تزامن انهيار القطاع الاقتصادي والمالي وتدهور العملة الوطنية لا تزال الموازنة السنوية للجامعة اللبنانية على حالها كما هي من  العام ٢٠١٩ للعام ٢٠٢٢.”

موازنة عام ٢٠١٩ كانت ٣٧٥ مليار ليرة لبنانية التي كانت تقدّر ب ٢٥٠ مليون دولار أمريكي أصبحت الآن وبعد تدهور العملة تقدر بـ ١٠ مليون دولار أمريكي لجامعة لبنانية تضم ١٠٠ ألف مواطن، و٥٧ فرع و ١٩ كلية وإدارة مركزية لا تغطي مصاريف شهرين فقط من أصل اثني عشر شهراً بسبب فارق العملة وارتفاع الدولار والغلاء الفاحش الذي يشهده لبنان اليوم من غلاء لمادة المازوت بالإضافة لعدم توفر الكهرباء والقرطاسية والمعدات المطلوبة وأوراق وغيرها من الأمور البديهية التي تكون بحاجتها أي جامعة. وذلك من خلال تحليلات خبراء اقتصاديين واستشاريين اقتصاديين يؤكدون أن هذه الموازنة لم تعد تكفي لحضور الطالب إلى الجامعة سوى شهرين من أصل اثني عشر شهراً بحسب ما قالته الدكتورة سيف.

كما وتطرقت الدكتورة سيف إلى مشكلة رواتب الأساتذة والموظفين الإداريين التي لم تعد تغطي حتى كلفة النقل التي ترتفع بين الحين والآخر وارتفاع الأسعار في ظل هذا الغلاء الفاحش التي ليس بمقدور أي مواطن تحملها و منهم الأستاذ الجامعي.

وأضافت د. سيف أن هناك عدّة أسباب أخرى لهذا التوقف القسري ومنها الملفات المزمنة الموجودة منذ أكثر من ثمانية أعوام متروكة ومؤجلة في أدراج مجلس النواب ومجلس الوزراء.

الكلّ يسعى للتحسين ومنهم رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور بسام بدران حيث قام بجهود جبارة لطرح حلول لكافة لهذه الملفات.

بحسب ما قالت الدكتورة سيف أنه “عمل على ملف الملاك الذي يضمن حق الاستاذ الجامعي براتب تقاعدي بعد سن الـ ٦٤. و هذا لا يكلّف الدولة أي مصاريف والأستاذ هو من يتكلّف مادياً بكلّ شيء. هذا الملف جاهز في الأمانة العامة لمجلس الوزراء ووافق عليه وزير التربية ولكنه لم يقر ولم يبت الأمر فيه حتى يومنا هذا.”

أما الملف الثاني هو ملف مجلس الجامعة مؤلف من تسعة عشر عميداً لا ينتخبون إلا بمرسوم صادر عن مجلس الوزراء.

منذ العام ٢٠١٨ انتخبوا ثلاثة عمداء و لم يعينوا بعد. أهمية العمداء الأصليين هي أن هناك عمداء بالتكليف لا يأخذون قرارات خاصة في شؤون الجامعة دون العودة إلى مجلس الوزراء لذلك شددت د. سيف أن  “من الضروري المطالبة بتعيين عميد أصيل يأخذ القرارات الحاسمة و ما يناسب شؤون الجامعة دون العودة لأحد. هذا الملف طرح و تمت  الموافقة عليه، ولكنه لم يقر بعد.”

وأخيراً الملف الثالث وهو ملف التفرّغ للأساتذة المتعاقدين الذي بلغ عددهم في العام (٢٠١٤ ) سبعون أستاذاً لم ينتسبوا لفئة الأساتذة المتعاقدين وزاد العدد اليوم إلى ألف وأربعمئة أستاذ لم يدخلوا بعد ضمن فئة الأساتذة المتعاقدين. أكدت د. سيف أن “هذه الملفات كلها لم تبت بعد وليس هناك أي سبب يبرر إهمالها وعدم البت فيها من قبل مجلس الوزراء.”

أضافت د. سيف أن “رئيس الجامعة طرح موضوع موازنة الجامعة اللبنانية ورئيس المتفرغين الدكتور عامر حلواني والذي يمثل حالياً رئيس الرابطة في الجامعة اللبنانية يسعيان جاهداً لممارسة كافة اتصالاتهم مع كافة المسؤولين بخصوص الموازنة بعد إضراب دام من أيلول ٢٠٢١ ولغاية تشرين الثاني ٢٠٢١. كما وقالت “أن هذا الإضراب من أجل زيادة موازنة الجامعة لمصلحة الطالب قبل مصلحة أي أحد آخر.”

وقالت د سيف أن “من حسن نية الأساتذة في الجامعة اللبنانية، اهتمامهم بجودة التعليم وبنجاح الطلاب ولقد قدم الأساتذة ما في وسعهم من خلال آلية التعليم عن بعد والالتزام بها بجدية رغم فشل هذه الآلية في ظل ما يعانيه اللبنانيون من أزمة كهرباء وانترنت تحول دون نجاحها كآلية تعليم”.

وقالت د. سيف أن “موضوع الموازنة للأسف طرح على كافة اللجان ومع ذلك فشلت كل المفاوضات وخسرنا الموازنة وأقرها مجلس الوزراء لأن رئيس الجمهورية وقع عليها، وهي حاليا في مجلس النواب لختمها من قبل اللجان المختصة ويجب تعديل الموازنة لرفعها.”

كما وقالت د. سيف أن “خلال هذه المفاوضات والاجتماعات المكثفة التي قام بها رئيس الجامعة مع وزير التربية ووزير المال وجدوا أن هناك رفض قاطع بإيجاد حل لزيادة الموازنة و لم يأخذ هذا الموضوع من قبل المسؤولين على محمل الجد و كالعادة كانت المماطلة والتأجيل سيدا الموقف وأن الأساتذة سوف يتراجعون من خلال ضغوطات معينة ويجبرون على العودة و التدريس من جديد والاستسلام لهذا الواقع المرير. ولكن اليوم يجب البت في أمر الموازنة والاستمرار بالتوقف القسري لصالح الجميع.”

أغلب الجامعات و المدارس الخاصة اعتمدت آلية التدريس عن بعد .و لقد عانى معظم الطلاب و الأساتذة من هذه الآلية، بالرغم من التحدي الكبير لجائحة كورونا والتي كانت في أوجها في (شتاء العام ٢٠٢١) أصرت الجامعة على أن تقام  الامتحانات للطلاب حضورياً وذلك للحفاظ على انتاجية التعليم الجامعي. لذلك التوقف القسري هذا لصالح الطالب هذه المرة لأن جودة التعليم تكمن في الحضور و ليس عن بعد.

تمنت الدكتورة سيف على الدولة اللبنانية أن “تقلص الاهتمام بموازنات أخرى على حساب اهتمامها بزيادة موازنة الجامعة اللبنانية والقطاع التربوي فكما سعى وزير التربية لتأمين منح ومساعدات للمدارس الرسمية لم لا يسعى لتقديم منح للجامعات اللبنانية لكي تحافظ على استمراريتها؟”

وختمت د. سيف “ما أنشأت الجامعة اللبنانية عام ١٩٥١ إلا عبر ضغوطات من قبل الطلاب وأهلهم على السياسيين لإنشاء الجامعة اللبنانية وأظن أن الطلاب اليوم لهم التأثير الأكبر”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us