الدولارات المزورة تتسرب بسهولة وشركات الدليفيري ضحاياها


أخبار بارزة, خاص 13 تموز, 2022

كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:

“بقدر أطلب من عندكن، طلبيتي كبيرة، ممكن توصل بيومين، بدي ادفع بالدولار”. بهذه الطريقة يبدأ “مروّجو العملات المزورة” احتيالهم على أصحاب الصفحات الخاصة بالتسوق عبر “الأونلاين” الذين بدورهم يحولون الطلبيات لشركات التوصيل المتعاقدين معها للتوزيع، ولأن معظم موظفي خدمة الدليفري العاملين لدى هذه الشركات لا يعرفون التمييز بين الدولار “الأصلي” من “المزوّر”، تقع الخسائر على عاتق الشركة فيما الدولة غائبة. وبذلك يكون عالم التسوق عبر “الأونلاين” تحوّل إلى ميدان جديد لجريمة الاحتيال والترويج للدولار المزور على عامة الناس وبكل سهولة.

وخلال الأشهر القليلة الماضية انتشرت هذه الأساليب الاحتيالية إلى حد كبير، حتى باتت الأموال المزورة سهلة الاستبدال عبر التبضع أونلاين. فالظروف الاقتصادية والمالية في لبنان تدفع نحو ارتفاع معدل النشاطات غير القانونية على أنواعها وأبرزها تزوير العملة وإن كنت تظن أنك قادر على كشفها فلا تثق بنفسك كثيراً.

هاني غطاس صاحب شركة لخدمات التوصيل (ديليفري) يؤكد لـ “هنا لبنان” “أن شركته تواجه العديد من مشاكل الدولارات المزورة التي يتقاضاها السائقون من أشخاص مجهولين، مشيراً إلى أنّ هذه الظاهرة تنشط في البقاع بدءًا من زحلة وصولاً إلى بيت شاما ثم بعلبك والهرمل”.

ويضيف: “معظم موظفي الدليفري لا يستطيعون التمييز بين الدولار الأصلي والمزور، فيقعون في فخ هذه المافيات، وبما أننا المسؤولون عن توصيل الطلبيات للزبائن وتحصيل ثمنها تقع على عاتقنا مسؤولية تحمل الخسائر”.

ويتابع: “لتجنب هذه المشكلة بدأنا اعتماد سياسة تصوير الرقم التسلسلي للدولارات المحصلة من الزبون على أن يقوم الموظف بإرسالها على مجموعة خاصة بالشركة للتحقق منها وهي طريقة تضمن إلى حد ما معرفة من هو الشخص الذي دفع الدولار المزور”.

في حين يحاول معظم مروجي الدولار المزور إخفاء آثار جرائمهم، فيلفون ويدورون على سائق الديليفري لاستلام طلبياتهم على الطرقات العامة، هنا يوضح الغطاس أن “هؤلاء المحتالين المحترفين يتعمدون استلام طلبياتهم على الطرقات كي لا نتمكن من ملاحقتهم، وقد تعرض سائقونا للكثير من هذه الحوادث عند مفرق بريتال والشراونة، حيث يعطينا الزبون اسماً وهميًّا، يستلم طلبيته، يدفع الدولار المزور يقفل هاتفه ويختفي”.

غطاس يحدد كمية الدولارات المزورة التي تقع بين يديه شهرياً وهي بحدود الـ 500 دولار إذ تنشط هذه العصابات بقوة في مناطق البقاع مستغلة عدم الانضباط وغياب الرقابة الأمنية الصارمة.

ويقول: “تفادياً للوقوع بمثل هذه المشاكل وتجنباً لمزيد من الخسائر عمدت شركتنا إلى تدريب السائقين على الخطوط الأكثر عرضة لعمليات الترويج للعملات المزورة، وعدم تسليم الطلبيات قبل التحقق من الأموال المستلمة وفحصها، مشيراً إلى أن مسألة كشف الدولارات المزورة من فئة المئة دولار أمر سهل إلا أنه من الصعب جداً علينا أن نكشف فئة الخمسين دولار إلا بعد استخدام أجهزة الكشف”.

وعن مدى تعاون القوى الأمنية مع الموضوع، يلفت غطاس إلى أن الشركة تقدمت بأكثر من بلاغ في المناطق التي تلقى منها السائقون دولارات مزورة إلا أن المشكلة لم تعالج بعد.

كما يلفت إلى مشكلة مستجدة تواجه شركات الديليفري اليوم وهي رفض معظم شركات تحويل الأموال والتجار التعامل بالإصدارات القديمة من فئة الـ 100 دولار ما أوقعنا بخسائر كبيرة، علماً أن هذه القرارات هي مخالفة فاضحة للقانون.

وفي ظل الفلتان الأمني الذي تشهده البلاد وتردي الأوضاع الاقتصادية والمالية، يُضاف إلى ذلك الطلب المتزايد على العملات الأجنبية تسرح مافيا ترويج الدولارات المزورة وتمرح في لبنان وخصوصاً في منطقة البقاع وسط غياب الدور الفعَّال للأجهزة الأمنية، ما ساهم في تعزيز واقع الفساد الذي تعيشه الدولة اللّبنانية.

قانونياً، يوضح المحامي زكريا الغول أن تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية تشكل بيئة حاضنة لنمو المخالفات القانونية في لبنان، والتعامل مع العملة المزيفة يلقى مساحة واسعة في البلد المأزوم، صكاً وترويجاً، وقد نشطت عصابات تزوير العملة في لبنان ووسعت من عملها وانتشارها مستفيدة من حالة الفوضى التي تعم البلاد منذ أكثر من سنتين، كما قامت باستغلال حاجة المواطن والمقيم للعملات الأجنبية والوطنية بعد الانهيار المعيشي الذي ضرب لبنان وتفاقم حالات الفقر والعوز وارتفاع الأسعار وغياب الدولة وانتشار الفوضى.

ويلفت إلى أن “تزوير الدولارات عادة ما يكون من خلال تغيير ما عليها من رسوم أو أرقام أو علامات أو كتابة بحيث تصبح لها قيمة أكبر من قيمتها الحقيقية، والتزوير قد يقع على عملة معدنية أو ورقية إلا أن ظاهرة تزوير الدولارات هي الأكثر رواجاً في لبنان، أما العملة المزيفة الأكثر ترويجاً هي ورقة الـ 100 دولار، يليها 100 ألف ليرة لبنانية”.

ويقول الغول: “جرّم المشترع اللبناني بعض الأفعال الواقعة على النقود والعملات إذ أن هذه الأفعال الجرمية تنال من أحد مظاهر سيادة الدولة ومن حقها في إصدار النقود وفي رقابة النشاط الاقتصادي في المجتمع، كما تنال من المصالح المالية للدولة المتمثلة في الربح الذي تجنيه من الفرق بين قيمتها الإسمية وقيمتها الفعلية. وتنال هذه الجرائم أيضاً من حقوق الأفراد الذين يخسرون أموالهم ويقعون ضحية الخداع في شباك مافيات تزييف العملات النقدية وتقليدها، بالإضافة إلى زعزعة الائتمان في الأسواق الداخلية والدولية”.

ويضيف: “وقد عاقب المشترع اللبناني على هذه الجرائم في المواد من 440 إلى 452 من قانون العقوبات اللبناني، كما عاقبت عليه أغلبية الدول، والتشريعات الدولية مثل الاتفاقية الدولية لقمع تزييف النقد الموضوعة في جنيف بتاريخ 20/4/1929 والتي انضمّ إليها لبنان بموجب القانون الرقم 35/66 بتاريخ 3/6/1966”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us